كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

منَزّه عن الحوادث; وحقيقة هذا التنْزيه، أنه منَزه عن الوجود، وعن الربوبية، وعن الملك، وعن كونه فعالا لما يريد، إذ لا حرج ولا عار في الإقرار بما في كتابه العزيز وصحيح الأخبار.
فانظر ما تحت تنْزيه المعطلة، وما تحت تشبيه المجسمة، من عزل الكتاب والسنة، وسلب الصفات، أو جعلها كصفات المخلوقات، تجد الحق وسطا بين طرفين، وهدى بين ضلالتين; ومن خبيث صنيعهم أنهم لما علموا أن النصوص قاضية عليهم، قالوا: هي ظنية، والعقول قطعية، وقد علم كل من وفقه الله أن العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح.
ولكن على تلك القلوب أكنة فليست وإن أصغت تجيب المناديا
والحاصل: أنه ما من اسم يسمى الله به، إلا والظاهر الذي يستحقه المخلوق غير مراد، وأنه سبحانه منَزه عن كل ما يلزم منه حدوثه أو نقصه، فكما أن علمنا، وقدرتنا، وإرادتنا، وحياتنا، وكلامنا، ونحوها من الصفات أعراض تدل على حدوثنا، امتنع أن يوصف الله سبحانه بمثلها، فنعوذ بالله من تأويل يفضي إلى تعطيل، ومن تكييف يفضي إلى تمثيل.
وقد أطلق غير واحد ممن حكى إجماع السلف كالخطابي، أن الصفات تجرى على ظاهرها، مع نفي

الصفحة 340