كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

العبد لأن الله سمى نفسه: سميعا، بصيرا، رحيما، عليما، حليما، وسمى بعض خلقه بذلك، فهذا من أعظم التلبيس، لوجهين:
الأول: أنه كذب على السلف والأئمة، فإنهم لم يقولوا: إن أسماء الرب تشبه أسماء الخلق.
والثاني: أنه إذا قيل: إن الله سميع، بصير، عليم، حليم، وقيل في بعض المخلوقين مثل ذلك، لم يلزم أن يكون الرب مشابها لخلقه، ولا أن أسماءه، وصفاته مشابهة لأسماء خلقه وصفاتهم.
فليس الرحيم كالرحيم، ولا الحليم كالحليم، ولا السميع كالسميع، ولا البصير كالبصير، كذلك ليس العلم كالعلم، ولا السمع كالسمع، ولا الحلم كالحلم; ولا البصر كالبصر، فمن قال: إن علم الرب، وحلمه، وسمعه، وبصره، كعلم العبد، وحلمه، وسمعه، وبصره، فهو كافر بالله العظيم، بلا ريب؛ بل علم الرب تعالى، وحلمه، وسمعه، وبصره، وجميع صفاته، كاملة، مبرأة من جميع العيوب والنقائص، منَزهة عن ذلك، ولا يعلم كيف هي إلا هو؛ وعلم الكيفية ممتنع على جميع الخلق، كما قال أعلم خلقه به: " سبحانك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك "1.
__________
1 مسلم: الصلاة (486) , والترمذي: الدعوات (3493) , والنسائي: التطبيق (1100 ,1130) , وأبو داود: الصلاة (879) , وابن ماجه: الدعاء (3841) , وأحمد (6/58) , ومالك: النداء للصلاة (497) .

الصفحة 353