كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

وأما المخلوق فهو ناقص، ذاته وصفاته وأفعاله، كلها ناقصة، ويتطرق إليها الخلل، ويجوز عليها العدم، بخلاف صفات الرب سبحانه وبحمده، ولا يلزم من الاتفاق في التسمية الاتفاق في الحقيقة والمسمى؛ وهذا هو الفرقان المبين بين أهل السنة والجماعة، وأهل البدعة والضلالة، فإن أهل البدع لما لم يفهموا من أسماء الرب وصفاته إلا ما يليق بالمخلوق، وظنوا أنهم إذا أثبتوا لله سمعا، وبصرا، وقدرة، وحلما، أن ذلك يلزم منه التشابه بين الخالق والمخلوق - تعالى الله وتقدس -، فعند ذلك ذهبوا إلى تحريف النصوص وتأويلها، ونفي ما دلت عليه مما يليق بالرب تعالى; فأول مذهبهم: تشبيه وتمثيل; وآخره: تحريف وتعطيل.
وأما أهل السنة والجماعة فقالوا: نثبت لله ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله، مع اعتقادهم أن ما يثبت لله لا يشبه ما يثبت لخلقه، لأنهم عرفوا كيفية المخلوق فعرفوا كيفية صفاته; والرب يتعالى ويتقدس عن أن يعلم أحد كيفية ذاته أو صفاته، ولهذا قال الإمام مالك، وقبله ربيعة، ويروى عن أم سلمة: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
وأما قوله: إذا قلتم: إنهم في القول سواء، فما وجه تبديعهم؟ وتكفيرهم؟ وتضليلهم؟

الصفحة 354