كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

المؤمن، أينما وجده أخذه، وليس في الرجوع إلى الحق غضاضة على مريد الحق والإنصاف; وهذا نص كلامي، لتعلم أنك ما فهمت مرامي، فقلت على ما أورده من جواز التوسل بحق الأنبياء والأولياء والسؤال بهم، لما استدل على جواز ذلك، بحديث أبي سعيد، بقوله: " اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا "1 الحديث.
فمعناه إن صح الحديث فإنه ... على غير ما قد لاح في وهم ذي اللد
فحق العباد السائلين إذا دعوا ... بغير اعتداء باذلي الجد والجهد
إجابتهم منّا وفضلا ورحمة ... وجودا وإحسانا من المنعم المسدي
وحق المشاة الطائفين لربهم ... إثابتهم والله ذو الفضل والمد
إذا صح هذا فالتوسل لم يكن ... بغير صفات الله يا فاقد الرشد
هما صفتا قول وفعل لربنا ... فسبحانه من ماجد واحد فرد
ولم يك من باب التوسل بالورى ... كما قلته يا فاسد الرأي والقصد
وطاعته سبحانه وسؤاله ... هما سببا تحصيل ذلك للعبد
إجابته للسائلين وكونه ... يثيب المشاة الطائعين ذوي الرشد
فلم يبق في نص الحديث دلالة ... تدل على ما قال من رأيه المردي
ومرادي بهذا الكلام: إبطال ما استدل به، على جواز التوسل بحق الأنبياء والأولياء، والسؤال بهم، وذلك أن موضوع الكلام فيه، وفي جوازه، وليس الكلام معه في تقرير إثبات الصفات، أو تقسيمها إلى قولية وفعلية، وذكر ما يقابل الفعلية، من الصفات الذاتية اللازمة، كالحياة، والعلم، والسمع، والبصر، ونحو ذلك; ولا بيان صفات الأفعال
__________
1 ابن ماجه: المساجد والجماعات (778) , وأحمد (3/21) .

الصفحة 362