كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

الاختيارية المتعلقة بالمشيئة والقدرة، فإن ذلك كله ليس من موضوع الكلام، ولا له ذكر في كلام الملحد، حتى أذكر ذلك، أو ما يرد علي مما يلزمني به الخصم، وليس فيه ذكر أقوال أهل البدع والأهواء، المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة، كالاتحادية، والكلابية، والأشعرية، والكرامية، وغيرهم، فإن في ذكر ذلك إذ كان، لم يكن من مقصودنا خروجا عن المقصود، ينافي مطابقة الكلام الواقع لمقتضى الحال.
وأما ما سنح لك من الاعتراض، مما هو خارج عن موضوع الكلام، من أني جعلت صفات الباري - جل ثناؤه - قسمين: فعلية، وقولية; وأنه يلزمني على ذلك أن تكون الصفة القولية مغايرة للصفات الفعلية، قسيمة لها، مباينة لها، فهذا لم يخطر مني على بال، ولا قصدت ذلك، ولا أردته بكلامي، كما تقدم بيان ذلك، وإنما نظمت ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، على حديث أبي سعيد، وقد ذكرته لك، فأعرضت عنه، وعن مقتضى كلامه.
وهذا نص كلامه، ليتبين لك أني لم أقل من عندي شيئا، يناقض كلام شيخ الإسلام، أو يخالفه، قال رحمه الله: وأما قوله في حديث أبي سعيد " أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا "1 فهذا الحديث رواه عطية العوفي، وفيه ضعف، لكن بتقدير ثبوته هو من هذا الباب، فحق السائلين عليه سبحانه أن يجيبهم; وحق المطيعين له أن
__________
1 ابن ماجه: المساجد والجماعات (778) , وأحمد (3/21) .

الصفحة 363