كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

[رسالة الشيخ سليمان بن سحمان للشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري]
وكتب الشيخ: سليمان بن سحمان، للشيخ: عبد الله بن عبد العزيز العنقري:
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم: أنه جرى بيننا البحث فيما ذكره ابن القيم في سفر الهجرتين على قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء "1 قال: فقوله صلى الله عليه وسلم الظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، يدلان العبد على معرفة إحاطة الرب سبحانه بالعالم، وعظمته، وأن العوالم كلها في قبضته، وأن السماوات السبع والأرضين السبع في يده كخردلة في يد العبد، قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ} [سورة الإسراء آية: 60] ، وقال: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [سورة البروج آية: 20] ، ولهذا يقرن سبحانه بين هذين الاسمين، الدالين على هذين المعنيين، اسم العلو الدال على أنه الظاهر، وأنه لا شيء فوقه، واسم العظمة الدال على الإحاطة، وأنه لا شيء دونه، كما قال تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سورة آية: 23] ، وقال: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة آية: 115] .
وهو تبارك وتعالى، كما أنه العالي على خلقه بذاته
__________
1 مسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2713) , والترمذي: الدعوات (3400) , وأبو داود: الأدب (5051) , وابن ماجه: الدعاء (3831) , وأحمد (2/381 ,2/536) .

الصفحة 373