كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 3)

التابعين لهم بإحسان، ولا أئمة المسلمين، بل سائر أهل العلم من المسلمين من السلف والخلف يقولون: إن المطر نزل من السماء.
ولفظ السماء في اللغة والقرآن، اسم: لكل ما علا، فهو: اسم جنس للعالي، لا يتعين في شيء إلا بما يضاف إلى ذلك، وقد قال: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [سورة الحج آية: 15] ، وقال: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [سورة الرعد آية: 17] وقال: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [سورة الملك آية: 16] والمراد بالجميع: العلو، ثم يتعين هنا بالسقف ونحوه، وهناك: بالسحاب; وهناك: بما فوق العالم كله، فقوله: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ} [سورة الرعد آية: 17] أي: من العلو، مع قطع النظر عن جسم معين، لكن قد صرح في مواضع أخر، بنُزوله من السحاب، كما في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ} [سورة الواقعة آية: 68-69] ، والمزن: السحاب، وقال: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً} [سورة النور آية: 43] الآية، والودق: المطر، وقال: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً} [سورة الروم آية: 48] إلى قوله: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} [سورة آية: 43] .
فأخبر سبحانه أنه يبسط السحاب في السماء، وهذا مما يبين أنه لم يرد بالسماء هنا الأفلاك، فإن السحاب لا يبسط في الأفلاك، بل الناس يشاهدون السحاب يبسط في الجو، وقد يكون الرجل في موضع عال، إما على جبل، أو

الصفحة 376