كتاب مفرج الكروب في أخبار بني أيوب (اسم الجزء: 3)

ذكر ما اعتمده الملك الأفضل من الأمور
التي آلت به إلى زوال ملكه
لما أفضى الملك إلى الملك الأفضل، استوزر ضياء الدين نصر الله بن محمد ابن الأثير (¬1)، وفوّض إليه أموره كلها. وهذا ضياء الدين من أهل الجزيرة، وكان مترسلا فاضلا، وهو صاحب «المثل السائر» و «المعانى المبتدعة» وغيرهما من الكتب، وله أخوان فاضلان هما: عز الدين صاحب التاريخ المشهور، ومجد الدين أبو السعادات صاحب كتاب «جامع الأصول في الحديث»، وكان متقدما عند ملوك الموصل من بنى أتابك زنكى - رحمه الله - وهؤلاء الإخوة الثلاثة كانوا فضلاء أعيانا [نبلاء] (¬2) متقدمين في الدول.
وكان ضياء الدين المذكور لما اتصل بخدمة الملك الأفضل شابا غرّا، فحسّن للملك الأفضل إبعاد أمراء أبيه وأكابر أصحابه، وأن يستجدّ له أمراء وأصحابا غيرهم، وقال:
«هؤلاء خواصّ السلطان وينظرون إليك بتلك العين، ويعتقدون أن حقّهم واجب وجوب الدين، وهم - بحكم المعرفة لك من الصغر - يتبسّطون ويشتطّون ولا يقنعون، وأعمال دمشق لا تسعهم (¬3)، وجميعها لا تقنعهم،
¬_________
(¬1) طبعت أخيرا مجموعة من رسائل ضياء الدين بن الأثير، وهى تضم عددا كبيرا من الوثائق الديوانية الهامة التي نلقى أضواء جديدة عل تاريخ البيت الأيوبى وتاريخ مصر والشام وما جاورهما في هذه الحقبة من الزمن. انظر: (رسائل بن الأثير، نشر وتحقيق أنيس المقدسى، بيروت 1959)، وانظر ترجمة ضياء الدين عند. (ابن خلكان: الوفيات) و (السيوطي: بغية الوعاة) و (أبو شامة: الروضتين) و (المقريزى: السلوك ج 1) و (ابن تغرى بردى: النجوم، ج 6) و (سركيس: معجم المطبوعات العربية) و (مقدمة المقدسى لرسائل ابن الأثير)
(¬2) أضيف ما بين الحاصرتين عن: (ك 435)
(¬3) في (ك): «لا تشبعهم».

الصفحة 10