كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 3)

ثم إنه ورد إلى دمشق، ورتب مصدراً بالحرم في القدس، فأقام به مدة وتردد إلى دمشق وحلب وطرابلس، وعمل له راتب بطرابلس، ثم توجه إلى القاهرة وأباع وظائفه، وبها توفي رحمه الله تعالى.
وكانت له قدرة على النظم والنثر، إلا أنه لم يكن له فيهما غوص على المعاني.
وكان ظنيناً بنفسه، يدعي أنه يملي على أربع كتاب، أو قال: خمسة في مقاصد مختلفة نظماً ونثراً، ويظن مع ذلك أن كلامه خير من كلام القاضي الفاضل، وعارض الرسائل المختارة للفاضل، مثل الرسالة الذهبية، وفتح القدس، وغيرهما، فكان كمن عارض الزواهر بالذبالة، والجواهر بالزبالة وكان كلامه متوسطاً، وعمل تاريخاً لليمن، وتاريخاً للنحاة، وليسا بشيء، وذيل على تاريخ ابن خلكان بذيل قصير جداً رأيته لم يبلغ به ثلاثين رجلاً.
وكان يعظم نفسه، ويطريها، بل يطغيها، ولكن لكلامه وقع في النفوس، وديباجة إذا أطنب في وصف نفسه، وتعيش بذلك زماناً، وقمر عقولاً أغماراً.
وأنشدني من كلامه المنظوم والمنثور كثيراً، وكتب على أشياء وقف عليها من تصانيفي تقريظاً بالنظم والنثر، فمن ذلك ما كتبه على كتابي جنان الجناس:

الصفحة 14