كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي حِنْطَةٍ إلَى أَجَلٍ وَأَخَذْت مِنْهُ كَفِيلًا بِمَ يَجُوزُ لِي أَنْ أُصَالِحَ الْكَفِيلَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ؟ .
قَالَ: لَا يَجُوزُ لَك أَنْ تُصَالِحَ الْكَفِيلَ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ إلَّا أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ مِثْلَ رَأْسِ مَالِكَ الَّتِي أَسْلَفْت تَوْلِيَةً تُوَلِّيهِ إيَّاهَا أَوْ إقَالَةً بِرِضَا الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ أَوْ مِثْلَ طَعَامِك الَّذِي أَسْلَفْت فِيهِ. قُلْت: وَلَا يَجُوزُ لِي أَنْ آخُذَ مِنْ الْكَفِيلِ سَمْرَاءَ إذَا كَانَ السَّلَمُ حِنْطَةً مَحْمُولَةً؟
قَالَ: لَا.
قُلْت: وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِي أَنْ آخُذَ مِنْهُ إذَا كَانَ السَّلَمُ حِنْطَةً سَمْرَاءَ فَلَا يَجُوزُ لِي أَنْ آخُذَ مِنْهُ مَحْمُولَةً أَوْ شَعِيرًا؟
قَالَ: نَعَمْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ لَك أَنْ تَأْخُذَ مِنْ الْكَفِيلِ قَبْل مَحِلِّ الْأَجَلِ وَلَا بَعْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ إلَّا مِثْلَ حِنْطَتِك الَّتِي شَرَطْت. قُلْت: فَاَلَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ أَيُّ شَيْءٍ يَجُوزُ لِي أَنْ آخُذَ مِنْهُ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ لَك أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ إلَّا حِنْطَةً مِثْلَ حِنْطَتِك الَّتِي أَسْلَفْت فِيهَا أَوْ رَأْسَ مَالِكَ بِعَيْنِهِ.
قُلْت: فَإِنْ أَخَذْت مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ سَمْرَاءَ وَكَانَتْ مَحْمُولَةً أَوْ أَخَذْت مَحْمُولَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ سُلْتًا وَكَانَتْ سَمْرَاءَ وَذَلِكَ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ؟ .
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ.
قُلْت: وَالْكَفِيلُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ أَهُمَا سَوَاءٌ لَا يَجُوزُ لِي أَنْ آخُذَ مِنْهُمَا إلَّا دَرَاهِمَ مِثْلَ دَرَاهِمِي أَوْ حِنْطَةً مِثْلَ الْحِنْطَةِ الَّتِي أَسْلَمْت فِيهَا بِصِفَتِهَا؟
قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ يَجُوزُ لَك أَنْ تُقِيلَهُ وَلَا يَجُوزُ لَك أَنْ تُقِيلَ الْكَفِيلَ إلَّا بِرِضَا الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ.
قُلْت: وَلِمَ جَوَّزْت لِي قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ أَنْ أُوَلِّيَ الْكَفِيلَ؟
قَالَ: لِأَنَّك لَوْ وَلَّيْت أَجْنَبِيًّا مِنْ النَّاسِ جَازَ لَك ذَلِكَ، فَالْكَفِيلُ أَوْلَى أَنْ يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ وَلَك أَنْ تُوَلِّيَ مَنْ شِئْت مِنْ النَّاسِ.
قُلْت: فَلِمَ كَرِهْت لِي أَنْ أُقِيلَ الْكَفِيلَ إلَّا بِرِضَا الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ؟
قَالَ: لِأَنِّي إذَا أَجَزْت لَك أَنْ تُقِيلَ الْكَفِيلَ بِغَيْرِ رِضَا الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ مُخَيَّرًا فِي أَنْ يَقُولَ: لَا أُجِيزَ الْإِقَالَةَ وَأَنَا أُعْطِي الْحِنْطَةَ الَّتِي عَلَيَّ، فَذَلِكَ لَهُ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْحِنْطَةَ إلَّا الْحِنْطَةَ الَّتِي عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا فَكَأَنَّ الْكَفِيلَ إنَّمَا اسْتَقَالَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ طَعَامًا أَعْطَاهُ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ دَنَانِيرَ أَعْطَاهُ، فَقَبُحَتْ الْإِقَالَةُ هَاهُنَا لَمَّا صَارَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ مُخَيَّرًا وَصَارَ الْكَفِيلُ هَاهُنَا كَأَجْنَبِيٍّ مِنْ النَّاس اسْتَقَالَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ

الصفحة 107