كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

فَأَرَدْت أَنْ آخُذَ الْكَفِيلَ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ كَثِيرَ الدَّيْنِ فَهُوَ إنْ قَامَ عَلَى حَقِّهِ خَافَ أَنْ يُحَاصَّهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ يَأْتِيَ غُرَمَاءُ آخَرُونَ فَيَتَّبِعُونَهُ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ أَوْ كَانَ غَائِبًا فَأَرَى أَنْ يَتَّبِعَ الْكَفِيلَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ أَرَ أَنْ يُبَاعَ لَهُ مَالُ الْحَمِيلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْ الْغَرِيمِ، وَإِنْ عَجَزَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ عَنْ حَقِّهِ أَوْ لَمْ يَجِدْ لَهُ شَيْئًا اتَّبَعَ الْكَفِيلَ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ مَلِيًّا بِالْحَقِّ أَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ فَيَقُولَ لِلْكَفِيلِ: أَلْزِمْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ حَتَّى يُعْطِيَنِي حَقِّي قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ حَلَّ الْأَجَلُ فَجَاءَنِي الْكَفِيلُ فَقَالَ: أَدِّ إلَيَّ الطَّعَامَ الَّذِي تَحَمَّلْت بِهِ عَنْك فَدَفَعْته إلَيْهِ لِيُؤَدِّيَهُ عَنِّي فَتَلِفَ عِنْدَهُ؟ .
قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ لَهُ إذَا كَانَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْك عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ مِمَّا تَحَمَّلَ بِهِ عَنْك.
قُلْت: كَانَتْ لَهُ عَلَى ضَيَاعِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: كَانَ مِمَّا يَغِيبُ عَلَيْهِ أَوْ مِمَّا لَا يَغِيبُ عَلَيْهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: اقْتَضَانِي ذَلِكَ أَوْ كُنْت أَنَا الَّذِي دَفَعْته إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْتَضِيَنِي ذَلِكَ؟
قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ مِمَّا تَحَمَّلَ بِهِ عَنْك وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِقَضَاءٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ دَفَعَهُ إلَى الْكَفِيلِ مِنْ غَيْرِ اقْتِضَاءٍ مِنْهُ لِلْحَقِّ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ الْكَفِيلُ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَمْت فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ وَأَخَذْت مِنْهُ بِذَلِكَ كَفِيلًا فَحَلَّ الْأَجَلُ ثُمَّ إنَّ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ دَفَعَ الطَّعَامَ إلَى الْكَفِيلِ بَعْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ فَبَاعَهُ الْكَفِيلُ فَأَتَى الَّذِي لَهُ السَّلَمُ فَقَالَ: أَنَا أُجِيزُ بَيْعَ الْكَفِيلِ لِلطَّعَامِ الَّذِي قَبَضَ لِي مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ؟ .
قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْهُ مَالَهُ وَيَدْخُلُ هَذَا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ. قُلْت: أَفَيَكُونُ لِلَّذِي لَهُ السَّلَمُ أَنْ يَرْجِعَ بِطَعَامِهِ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْكَفِيلُ بِمِثْلِ الطَّعَامِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَى الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ لِيُؤَدِّيَهُ عَنْهُ؟
قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى غَيْرِ اقْتِضَاءٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ.
قُلْت: فَإِنْ أَخَذَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ بِطَعَامِهِ الَّذِي عَلَيْهِ أَيَرْجِعُ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ عَلَى الْكَفِيلِ الَّذِي بَاعَ الطَّعَامَ بِثَمَنِ الطَّعَامِ الَّذِي بَاعَ؟ .
قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى غَيْرِ اقْتِضَاءٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ.

الصفحة 110