كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِعَبْدٍ دَفَعْته إلَيْهِ وَقَبَضْت الْعَبْدَ الْآخَرَ ثُمَّ أَصَابَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ عَمًى أَوْ عَوَرٌ أَوْ عَيْبٌ ثُمَّ تَقَايَلْنَا أَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِيمَا بَيْنَنَا؟
قَالَ: لَا.
قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ السَّاعَةَ.
قُلْت: فَلِمَ لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ بَيْنَهُمَا قَالَ: لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَا دَفَعَ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا انْتَقَصَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ فَلَيْسَ عَلَى هَذَا إقَالَةٌ.
قُلْت: فَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي دَفَعَ قَدْ انْتَقَصَ بِعَوَرٍ أَوْ عَمًى أَوْ عَيْبٍ فَتَقَايَلْنَا عَلَى هَذَا؟
قَالَ: هَذَا جَائِزٌ إذَا عَلِمَ لِأَنَّهُ رَضِيَ أَنْ يَدَعَ بَعْضَ حَقِّهِ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَسْلَمَا إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ وَأَقَالَهُ أَحَدُهُمَا أَيَجُوزُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا إلَّا أَنْ يَكُونَا مُتَفَاوِضَيْنِ فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ وَبَيْعِهِ، أَوْ مُتَفَاوِضَيْنِ فِي أَمْوَالِهِمَا فَيَكُونُ مَا أَقَالَهُ هَذَا وَمَا أَبْقَى لِشَرِيكِهِ فِيهِ نَصِيبًا فَلَا يَجُوزُ.

قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ أَسْلَمَا إلَى رَجُلٍ فِي حِنْطَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ ثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ فَاسْتَقَالَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ وَلَّى حِصَّتَهُ رَجُلًا؟ .
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا.
قُلْت: وَإِنْ لَمْ يَرْضَ شَرِيكُهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: نَعَمْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ شَرِيكُهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ عَلَى شَرِيكِهِ حُجَّةٌ فِيمَا أَقَالَهُ.
قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: إنَّمَا الْحُجَّةُ فِيمَا بَيْنَ الشَّرِيكِ وَبَيْنَ الْبَائِعِ، وَلَيْسَتْ لَهُ حُجَّةٌ عَلَى الَّذِي اشْتَرَى مَعَهُ أَنْ يُقِيلَ صَاحِبَهُ وَيَأْخُذَ ذَهَبَهُ وَلَمْ أَرَهُ يَجْعَلُ لَهُ شِرْكًا فِيمَا أَخَذَ مِنْ شَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ مَعَهُ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَمَ رَجُلَانِ إلَى رَجُلٍ فِي طَعَامٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَأَقَالَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَيَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
قُلْت: وَلِمَ أَجَازَهُ مَالِكٌ وَإِنَّمَا هُوَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ؟
قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا يَبِيعُ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنْ يُسْلِفَهُ الْآخَرَ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَوْبًا وَاحِدًا أَسْلَمَاهُ جَمِيعًا فِي طَعَامٍ فَاسْتَقَالَهُ أَحَدُهُمَا؟
قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَيَكُونُ شَرِيكًا فِي الثَّوْبِ

الصفحة 118