كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَشْرِكْنِي فِي هَذَا الطَّعَامِ - وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَ طَعَامَهُ الَّذِي اشْتَرَى - قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إنْ أَشْرَكَهُ عَلَى أَنْ لَا يَنْتَقِدَ إلَّا إلَى الْأَجَلِ الَّذِي اشْتَرَى إلَيْهِ الطَّعَامَ، فَإِنْ انْتَقَدَ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ اكْتَالَ الطَّعَامَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَشْرِكْنِي فِي هَذَا الطَّعَامِ عَلَى أَنْ أَنْقُدَك لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ أَنْ يُشْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الطَّعَامِ انْتَقَدَ أَوْ لَمْ يَنْتَقِدْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ بَيْعًا مُسْتَأْنَفًا إذَا اشْتَرَطَ النَّقْدَ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اكْتَالَ طَعَامَهُ الْمُشْتَرِي وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَشْرِكْنِي فِي طَعَامِك هَذَا. فَقَالَ: قَدْ أَشْرَكْتُك وَلَمْ يَشْتَرِطْ النَّقْدَ.
قَالَ: يَكُونُ نِصْفُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى أَجَلِ الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي.
قُلْت: وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ سَأَلْت مَالِكًا عَنْ التَّوْلِيَةِ فِي مَسْأَلَتِك هَذِهِ فَقَالَ مِثْلَ مَا وَصَفْت لَك فِي الشَّرِكَةِ.

[يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ أَوْ الطَّعَامَ كَيْلًا بِنَقْدٍ فَيُشْرِكُ رَجُلًا قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَ أَوْ يَقْبِضَ]
فِي الَّذِي يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ أَوْ الطَّعَامَ كَيْلًا بِنَقْدٍ فَيُشْرِكُ رَجُلًا قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَ الطَّعَامَ أَوْ يَقْبِضَ السِّلْعَةَ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ بِنَقْدٍ فَلَمْ أَقْبِضْهَا حَتَّى أَشْرَكْت فِيهَا رَجُلًا أَوْ وَلَّيْتهَا رَجُلًا أَيَجُوزُ ذَلِكَ؟
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ طَعَامًا اشْتَرَيْته كَيْلًا وَنَقَدْت الثَّمَنَ فَوَلَّيْته رَجُلًا أَوْ أَشْرَكْته فِيهِ قَبْلَ أَنْ أَكْتَالَهُ مِنْ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ؟ .
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَذَلِكَ الْحَلَالُ إذَا انْتَقَدَ مِثْلَ مَا نَقَدَ.
قُلْت: لِمَ جَوَّزَهُ مَالِكٌ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكٍ يَذْكُرُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ» ، قَالَ: قَدْ جَاءَ هَذَا وَقَدْ جَاءَ «عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شِرْكٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ» .
قَالَ سَحْنُونٌ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شِرْكٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ أَوْ إقَالَةٍ» قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ إذَا انْتَقَدَ الثَّمَنَ مِمَّنْ يُشْرِكُهُ أَوْ يُقِيلُهُ أَوْ يُوَلِّيهِ.

الصفحة 127