كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

يَدْخُلُهُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ إلَى أَجَلٍ أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ أَصْلُ شِرَائِهِ الطَّعَامَ بِذَهَبٍ أَوْ بِوَرِقٍ فَيَدْخُلُهُ الْوَرِقُ بِالذَّهَبِ إلَى أَجَلٍ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَا أُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا وَلَا سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلَّذِي لَهُ الْحَقُّ: خُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ لِدَنَانِيرَ هِيَ أَكْثَرُ مِنْهَا فَابْتَعْ بِهَا طَعَامَك أَوْ سِلْعَتَك.
قُلْت: فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ أَوْ مِثْلَ الَّذِي أَخَذَ فِي الطَّعَامِ الَّذِي عَلَيْهِ؟
قَالَ: إذَا كَانَ مِثْلَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ مِثْلَهُ فِي عَيْنِهِ وَوَزْنِهِ وَجَوْدَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ حَرَامٌ لَا يَحِلُّ لِأَنَّهُ يَصِيرُ غَيْرَ إقَالَةٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْهُ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ خَاصَّةً فَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سِلْعَةً مِنْ السِّلَعِ لَيْسَ بِطَعَامٍ فَكَانَ الَّذِي يُعْطِيهِ مِنْ الذَّهَبِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ السِّلْعَةَ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ مِثْلَ الذَّهَبِ الَّتِي أَخَذَ أَوْ أَقَلَّ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا أَعْطَاهُ فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ مِثْلَ ذَهَبِهِ فَأَقَالَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أَقَالَهُ وَأَخَذَ طَعَامًا أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ فَلَا بَأْسَ بِالْوَضِيعَةِ فِي الطَّعَامِ إذَا أَعْطَاهُ رَأْسَ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ مَالِهِ لَا يُسَاوِي الطَّعَامَ الَّذِي عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ هَضَمَ عَنْهُ بَعْضَ الطَّعَامِ وَأَخَذَ بَعْضًا كَانَ جَائِزًا.
قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ فَأَقَالَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى، وَأَمَّا فِي السِّلَعِ الَّتِي ابْتَاعَ مِنْهُ فَإِنَّهُ إنْ أَعْطَاهُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ أَوْ أَقَالَهُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ فِي السِّلَعِ لَا يُتَّهَمُ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ مِثْلَهُ فَإِنْ زَادَهُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَعْطَاهُ دَنَانِيرَ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَعْطَاهُ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ دَنَانِيرَ يَشْتَرِي بِهَا الَّذِي لَهُ السَّلَمُ سِلْعَةً فَيَقْبِضُهَا لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُعْطِيَهُ دَنَانِيرَ أَكْثَرَ مِنْ دَنَانِيرِهِ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيْهِ فِي السَّلَمِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَدْفَعَ أَكْثَرَ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي أَخَذَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا.

[ابْتَاعَ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَ ثَمَنَهَا بِبَلَدٍ آخَرَ]
مَا جَاءَ فِي رَجُلٍ ابْتَاعَ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَ ثَمَنَهَا بِبَلَدٍ آخَرَ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ ابْتَعْت سِلْعَةً بِدَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ أُوَفِّيَهُ الدَّنَانِيرَ بِإِفْرِيقِيَّةَ فَحَلَّ الْأَجَلُ وَأَنَا وَهُوَ بِمِصْرَ أَيُقْضَى لَهُ عَلَيَّ بِالدَّنَانِيرِ وَأَنَا بِمِصْرَ؟ .
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَأْخُذُ الدَّنَانِيرَ بِمِصْرَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ حَيْثُمَا وَجَدَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ لَا تُشْبِهُ السِّلَعَ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ عَيْنٌ وَالسِّلَعُ لَيْسَتْ بِعَيْنٍ وَأَثْمَانُهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي الْبُلْدَانِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ إلَّا فِي الْبَلَدِ الَّذِي شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ فِيهِ.

الصفحة 141