كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

قُلْت: أَرَأَيْت الْعَدَسَ الْمَبْلُولَ أَيَصْلُحُ بِالْفُولِ وَاحِدٌ بِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ.
قُلْت: وَلِمَ وَأَنْتَ تَجْمَعُهُ فِي الزَّكَاةِ وَتَرَاهُ فِي الزَّكَاةِ نَوْعًا وَاحِدًا وَأَنْتَ تُجِيزُ الْمَبْلُولَ مِنْهُ إذَا كَانَ عَدَسًا بِالْيَابِسِ مِنْ الْفُولِ؟
قَالَ: لِأَنَّ هَذَيْنِ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ مَالِكٍ صِنْفَانِ مُخْتَلِفَانِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَدَسَ الْيَابِسَ لَا بَأْسَ بِهِ بِالْفُولِ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْمَبْلُولُ مِنْهُ، أَوْ لَا تَرَى أَنَّ الْحِنْطَةَ الْيَابِسَةَ لَا تَصْلُحُ بِالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ لَا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَلِذَلِكَ كَرِهَ مَالِكٌ الْمَبْلُولَ مِنْ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ أَوْ بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ.
قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْت مَالِكًا غَيْرَ سَنَةٍ كَرِهَ الْقَطْنِيَّةَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ، فَفِي قَوْلِهِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَخِيرًا أَنَّهُ كَرِهَ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا فَالْمَبْلُولُ مِنْ الْقَطْنِيَّةِ لَا يَصْلُحُ بِشَيْءٍ مِنْ الْقَطْنِيَّةِ الْيَابِسَةِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ وَهُوَ الَّذِي كَتَبْته أَوَّلَ مَرَّةٍ فَأَنَا آخُذُهُ.
قُلْت: فَالْعَدَسُ الْمَبْلُولُ بِالْعَدَسِ الْيَابِسِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنَّمَا هَذَا مِثْلُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ أَوْ الْفَرِيكِ بِالْحِنْطَةِ أَوْ الْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ بِالْحِنْطَةِ الْيَابِسَةِ، وَقَدْ وَصَفْت لَك ذَلِكَ.
قُلْت: فَالْعَدَسُ الْمَبْلُولُ بِالْعَدَسِ الْمَبْلُولِ هَلْ يَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلًا بِمِثْلٍ لِأَنَّ الْبَلَلَ يَخْتَلِفُ فَيَكُونُ مِنْهُ مَا هُوَ أَشَدُّ انْتِفَاخًا مِنْ صَاحِبِهِ فَلَا يَصْلُحُ عَلَى حَالٍ.
قُلْت: وَكَذَلِكَ الْحِنْطَةُ الْمَبْلُولَةُ بِالْحِنْطَةِ الْمَبْلُولَةِ عِنْدَ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ لَا يَصْلُحُ.

[بَيْع اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ]
مَا جَاءَ فِي اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ قُلْت: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي اللَّحْمِ النِّيءِ بِالْقَدِيدِ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ أَوْ مِثْلًا بِمِثْلٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِيهِ وَاحِدٌ بِوَاحِدٍ وَلَا بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ.
قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ وَإِنْ تَحَرَّى؟
قَالَ: فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَإِنْ تَحَرَّى. قُلْت: وَلِمَ كَرِهَهُ مَالِكٌ؟
قَالَ: رَأَيْت مَالِكًا لَا يَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَبْلُغُ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ النَّاسِ أَنْ يَكُونَ مِثْلًا بِمِثْلٍ لِأَنَّ هَذَا جَافٌّ وَهَذَا نِيءٌ، وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرَ عَنْهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ أَجَازَهُ فِي أَوَّلِ زَمَانِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَأَقَامَ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ فِيهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا عَامٍ.
قُلْت: لَهُ فَهَلْ يَجُوزُ اللَّحْمُ الْمَمْقُورُ بِاللَّحْمِ النِّيءِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ أَوْ

الصفحة 154