كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

مُتَفَاضِلًا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ اللَّحْمُ النِّيءُ بِالْمَمْقُورِ مُتَفَاضِلًا وَلَا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَتَحَرَّى.
قُلْت: وَكَذَلِكَ السَّمَكُ الطَّرِيُّ بِالسَّمَكِ الْمَالِحِ لَا يَصْلُحُ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ وَلَا يَتَحَرَّى.
قُلْت: وَهَكَذَا الْقَدِيدُ بِاللَّحْمِ النِّيءِ؟
قَالَ: نَعَمْ لَا يَصْلُحُ مِثْلًا بِمِثْلٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا وَلَا يَتَحَرَّى. قُلْت: فَالْمَنْكسُودِ بِالنِّيءِ أَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ النِّيءُ بِالْمَالِحِ مُتَفَاضِلًا وَلَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَالْمَنْكسُودُ إنَّمَا هُوَ عِنْدِي لَحْمٌ مَالِحٌ فَلَا يَجُوزُ عَلَى حَالٍ.
قُلْت: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي اللَّحْمِ الْمَشْوِيِّ بِاللَّحْمِ النِّيءِ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي وَاحِدٌ بِوَاحِدٍ، وَلَا بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ، قَالَ: وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا رَجَعَ عَنْهُ وَأَقَامَ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ فِيهِ مِثْلَ الْقَدِيدِ وَهُوَ أَحَبُّ قَوْلِهِ إلَيَّ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَتَحَرَّى.
قُلْت: لِمَ لَا يُجِيزُ مَالِكٌ اللَّحْمَ النِّيءَ بِالْمَشْوِيِّ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ وَلَا بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ؟
قَالَ: لِأَنَّ الْمَشْوِيَّ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْقَدِيدِ إنَّمَا جَفَّفَتْهُ النَّارُ عِنْدَهُ كَمَا جَفَّفَتْ الشَّمْسُ الْقَدِيدَ.
قُلْت: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْقَدِيدِ بِالْمَطْبُوخِ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَالْقَدِيدُ أَيْضًا إنَّمَا جَفَّفَتْهُ الشَّمْسُ بِلَا تَابِلٍ وَلَا صَنْعَةٍ صُنِعَتْ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ مِنْ الْمَطْبُوخِ.
قُلْت: فَالْقَدِيدُ يَابِسٌ بِالْمَشْوِيِّ؟
قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ وَإِنْ تَحَرَّى لِأَنَّ يَابِسَ الْمَشْوِيِّ رَطْبٌ لَا يَكُونُ كَيَابِسِ الْقَدِيدِ.
قُلْت: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَشْوِيِّ بِالْمَطْبُوخِ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَمْ يَدْخُلْهُ صَنْعَةٌ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ أَهْلُ مِصْرَ فِي مَقَالِيهِمْ الَّتِي يَجْعَلُونَ فِيهَا التَّابِلَ وَالزَّيْتَ وَالْخَلَّ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا حَتَّى رُبَّمَا كَانَ لَهَا الْمَرَقَةُ وَيَكُونُ شَبِيهًا بِالْمَطْبُوخِ فَهَذَا عِنْدِي طَبِيخٌ إذَا كَانَ كَذَلِكَ، وَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ بِالْمَطْبُوخِ وَلَا بَأْسَ بِهِ بِالنِّيءِ عَلَى حَالٍ لِأَنَّهُ مَطْبُوخٌ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا النَّارُ جَفَّفَتْهُ وَحْدَهُ بِلَا تَابِلٍ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ بِالْمَطْبُوخِ وَلَا خَيْرَ فِيهِ بِالنِّيءِ عَلَى حَالٍ. قُلْت: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي لَحْمِ الْقَلِيَّةِ بِالْعَسَلِ وَالْقَلِيَّةِ بِالْخَلِّ وَبِاللَّبَنِ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَكِنَّ هَذَا عِنْدِي نَوْعٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ مَطْبُوخٌ كُلُّهُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صَنْعَتُهُ وَاسْمُهُ فَلَا يَصْلُحُ مِنْهُ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ.

الصفحة 155