كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

وَقَعَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مُتَفَاضِلًا لِمَكَانِ السِّكَّةِ وَالْعَيْنِ، وَجَعَلْنَا الْعَيْنَ وَالسِّكَّةَ غَيْرَ الذَّهَبِ لَمَّا خِفْنَا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا طَلَبَا ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا أَسْلَفَ حُلِيًّا مِنْ ذَهَبٍ مَصُوغًا وَأَتَى بِذَهَبٍ مَكْسُورٍ فِي قَضَائِهِ مِثْلَ ذَهَبِهِ لِيَأْخُذَهُ مِنْهُ فَقَالَ: لَا أَقْبَلُهُ إلَّا مَصُوغًا كَانَ ذَلِكَ لَهُ فَلَمَّا كَانَ التِّبْرُ الَّذِي يَقْضِيه مَكْسُورًا خَيْرًا مِنْ ذَهَبِهِ عَرَفْنَا أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الصِّيَاغَةَ لِمَكَانِ مَا ازْدَادَ فِي جُودَةِ الذَّهَبِ فَصَارَ جُودَةُ الذَّهَبِ فِي مَكَانِ الصِّيَاغَةِ فَصَارَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مُتَفَاضِلًا وَإِنَّ الذَّهَبَيْنِ إذَا حَضَرْنَا جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا قَضَاءً مِنْ صَاحِبَتِهَا وَإِنَّمَا يَقَعُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ جَمِيعًا وَتُلْغَى السِّكَّةُ وَالصِّيَاغَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا.

قُلْت: وَيَجُوزُ التِّبْرُ الْأَحْمَرُ الْإِبْرِيزُ الْهِرَقْلِيُّ الْجَيِّدُ بِالذَّهَبِ الْأَصْفَرِ ذَهَبُ الْعَمَلِ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَا وَفَضْلٌ؟
قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ

قُلْت: فَلَوْ اشْتَرَى دَنَانِيرَ مَنْقُوشَةً مَضْرُوبَةً ذَهَبًا جَيِّدًا بِتِبْرٍ ذَهَبٍ أَصْفَرَ لِلْعَمَلِ وَزْنًا بِوَزْنٍ؟ .
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ قُلْت: فَإِنْ أَصَابَ فِي الدَّنَانِيرِ مَا لَا يَجُوزُ عَيْنُهُ فِي السُّوقِ وَذَهَبُهُ جَيِّدٌ أَحْمَرُ أَيُنْتَقَضُ الصَّرْفُ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا؟ .
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى أَنْ يُنْتَقَضَ الصَّرْفُ بَيْنَهُمَا وَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّ لِمَا دَخَلَ الدَّنَانِيرَ مِنْ نُقْصَانِ الْعَيْنِ لِأَنَّ ذَهَبَهُ مِثْلُ الذَّهَبِ الَّتِي أَعْطَى وَأَفْضَلُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يُصِيبَ الذَّهَبُ الدَّنَانِيرُ ذَهَبًا مَغْشُوشًا فَيُنْتَقَضُ مِنْ ضَرْبِ الذَّهَبِ بِوَزْنِ الدَّنَانِيرِ الَّتِي أَصَابَهَا دُونَ ذَهَبِهِ وَلَا يُنْتَقَضُ الصَّرْفُ كُلُّهُ

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت خَلْخَالَيْنِ فِضَّةً بِوَزْنِهِمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْت: فَإِنْ أَصَابَ مُشْتَرِي الْخَلْخَالَيْنِ بِهِمَا عَيْبًا كَسْرًا أَوْ شَعْبًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حِينَ اشْتَرَاهُمَا أَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا؟ .
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنِّي أَرَى أَنْ يَرُدَّهُمَا بِالْعَيْبِ الَّذِي وَجَدَ فِيهِمَا وَيَأْخُذَ دَرَاهِمَهُ الَّتِي دَفَعَ فِي الْخَلْخَالَيْنِ قُلْت: فَلِمَ جَعَلْت لِصَاحِبِ الْخَلْخَالَيْنِ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَمْ تَجْعَلْ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الدَّنَانِيرِ الَّذِي اشْتَرَى بِدَنَانِيرِهِ تِبْرًا مَكْسُورًا؟ .
فَقَالَ: لِأَنَّ الْخَلْخَالَيْنِ بِمَنْزِلَةِ سِلْعَةٍ مِنْ السِّلَعِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ أَنْ يَتَبَايَعُوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، وَلَا يَصْلُحُ لَهُمْ أَنْ يُدَلِّسُوا الْعَيْبَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي الْآنِيَةِ وَالْحُلِيِّ.
وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِسِلْعَةٍ أَوْ بِذَهَبٍ فَإِذَا أَصَابَ عَيْبًا رَدَّهُ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ وَزْنِهِ مِنْ الرِّقَّةِ فَأَصَابَ بِهِ عَيْبًا فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّدِّ أَيْضًا وَلَا يَكُونُ الْخَلْخَالَانِ فِي يَدَيْهِ عِوَضًا مِمَّا دَفَعَ فِيهِمَا مِنْ وَزْنِهِمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْخَلْخَالَيْنِ

الصفحة 44