كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ الَّتِي مَعَ التِّبْرِ الْإِبْرِيزِ دُونَ الدَّنَانِيرِ الْأُخْرَى؟ .
قَالَ: لَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّنَانِيرِ الَّتِي لَا تِبْرَ مَعَهَا أَخَذَ فُضُولَ عُيُونِ دَنَانِيرِهِ عَلَى دَنَانِيرِ صَاحِبِهِ فِي جُودَةِ التِّبْرِ الْإِبْرِيزِ قُلْت: فَإِنْ كَانَ الْإِبْرِيزُ وَمَا مَعَهُ مَنْ الدَّنَانِيرِ دُونَ الدَّنَانِيرِ الْأُخْرَى فِي نِفَاقِهِمَا عِنْدَ النَّاسِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِهَا هُنَا شَيْءٌ قُلْت: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ الَّتِي لَا تِبْرَ مَعَهَا هُنَا هِيَ كُلُّهَا دُونَ التِّبْرِ وَدُونَ الدَّنَانِيرِ الَّتِي التِّبْرُ مَعَهَا؟ .
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِهَا هُنَا شَيْءٌ وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ أَعْطَى ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَحَدُ الذَّهَبَيْنِ كُلِّهَا أَنَفَقُ عِنْدَ النَّاسِ فَهَذَا مَعْرُوفٌ مِنْهُ صَنْعُهُ لِصَاحِبِهِ قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الذَّهَبَيْنِ كُلِّهَا أَنْفَقَ عِنْدَ النَّاسِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ إحْدَى الذَّهَبَيْنِ نِصْفُهَا مِثْلُ الذَّهَبِ الْأُخْرَى وَنِصْفُهَا أُنْفِقُ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ قَالَ: نَعَمْ فَإِنْ كَانَ إحْدَى الذَّهَبَيْنِ نِصْفُهَا أَنَفَقُ مِنْ الذَّهَبِ الْأُخْرَى وَنِصْفُهَا دُونَ الذَّهَبِ الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ هَذَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ فَضْلَ النِّصْفِ الذَّهَبِ الَّتِي هِيَ أَنَفَقُ مِنْ ذَهَبِهِ بِمَا يَضَعُ فِي نِصْفِ ذَهَبِهِ الَّتِي يَأْخُذُ دُونَهَا فَلَا خَيْرَ فِي هَذَا؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْت: وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ لَيْسَ مِثْلًا بِمِثْلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْت: وَلَوْ كَانَ جُودَةُ الذَّهَبِ مِنْ أَحَدِهِمَا كَانَ جَائِزًا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْت: وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الذَّهَبَيْنِ نِصْفُهَا أَنَفَقُ مِنْ الذَّهَبِ الْأُخْرَى وَنِصْفُهَا دُونَهَا لَمْ يَصْلُحْ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَهَذَا عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ وَالْبَيْعِ فَصَارَتْ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ لَيْسَ مِثْلًا بِمِثْلٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ كُلِّهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَتَى بِذَهَبٍ لَهُ هَاشِمِيَّةٍ إلَى صَرَّافٍ فَقَالَ: رَاطِلْنِي بِهَا بِذَهَبٍ عَتِيقٍ هِيَ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْ عَدَدِهَا وَأَنْقَصُ وَزْنًا مِنْ الْهَاشِمِيَّةِ فَكَانَ إنَّمَا أَعْطَاهُ فَضْلَ عُيُونِ الْقَائِمَةِ الْهَاشِمِيَّةِ لِمَكَانِ عَدَدِ الْعَتِيقِ وَفَضْلِ عُيُونِهَا قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ فَإِذَا أَدْخَلَ مَعَ الْهَاشِمِيَّةِ ذَهَبًا أُخْرَى هِيَ أَشَرُّ مِنْ عُيُونِ الْعَتِيقِ مِثْلُ النَّقْصِ بِالثَّلَاثِ خَرُّوبَاتٍ وَنَحْوِهِ يَقُولُ لَا أَرْضَى أَنْ أُعْطِيَك هَذِهِ بِهَذِهِ حَتَّى أُدْخِلَ مَعَ ذَهَبِي الْهَاشِمِيَّةِ أَشَرَّ عُيُونًا مِنْ الْعَتِيقِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ. وَكِيعٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْت النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَخْطُبُ وَأَهْوَى بِأُصْبُعَيْهِ

الصفحة 46