كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

أَجَلِهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الطَّعَامِ قَالَ: لَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْلِفَ بَعْضَهُ فِي بَعْضٍ إذَا كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ أَوْ كَانَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ عَدًّا فَإِنَّهُ سَوَاءٌ لَا يَصْلُحُ الْأَجَلُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ سَلَّفَ حِنْطَةً فِي عَسَلٍ أَوْ فِي بِطِّيخٍ أَوْ فِي قِثَّاءٍ أَوْ فِي صِيَرٍ أَوْ فِي جَرَادٍ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ مِمَّا يُؤْكَلُ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
قُلْت: أَرَأَيْت مِنْ سَلَّفَ حِنْطَةً فِي بُقُولٍ أَوْ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ فِي بُقُولٍ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ هَذَا طَعَامٌ يُؤْكَلُ قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَفْت الْبَيْضَ فِي الْبَيْضِ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟
قَالَ: هَذَا مِثْلُ مَا وَصَفْت لَك مِنْ سَلَفِ الْحِنْطَةِ فِي الْحِنْطَةِ إنْ كَانَ أَسْلَفَهُ إيَّاهَا سَلَفًا فَلَا بَأْسَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ.
قُلْت: أَرَأَيْت إنْ أَسْلَفْت بَيْضًا فِي قُرْصِ خُبْزٍ أَوْ فِي تُفَّاحٍ أَوْ فِي الْفَاكِهَةِ الْخَضْرَاءِ أَوْ فِي الْبُقُولِ كُلِّهَا أَيَجُوزُ أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ هَذَا طَعَامٌ كُلُّهُ، قَالَ: وَقَدْ أَخْبَرْتُك بِأَصْلِ قَوْلِ مَالِكٍ: إنَّ الطَّعَامَ فِي الطَّعَامِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِفَ بَعْضَهُ فِي بَعْضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّوْعُ فِي مِثْلِهِ بِحَالِ مَا وَصَفْت لَك فِي السَّلَفِ فِي الْحِنْطَةِ عَلَى الْقَرْضِ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ فِي مِثْلِهِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَظِرَةً فَقَالَ: الطَّعَامُ كُلُّهُ بِالطَّعَامِ رِبًا إلَّا يَدًا بِيَدٍ. قَالَ: قُلْت: فَإِنِّي آتِي إلَى السَّقَّاط وَهُوَ الْبَيَّاعُ فَآخُذُ مِنْهُ الْفَاكِهَةَ بِالْحِنْطَةِ حَتَّى أَقْتَضِيَهُ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ، وَلَكِنْ خُذْ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ حَتَّى تُوَفِّيَهُ إيَّاهُ ثُمَّ خُذْ مِنْهُ دِرْهَمَك مَا بَدَا لَك ثُلُثَهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ مَا أَحْبَبْت مِنْهُ.

[السَّلَفُ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا يَقْبِضُهَا إلَى أَجَلٍ]
ٍ قُلْت: هَلْ يَجُوزُ لِي أَنْ أُسْلِفَ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا قَائِمَةٍ وَأَضْرِبَ لِأَخْذِهَا أَجَلًا؟ .
قَالَ: لَا يَجُوزُ. قُلْت: لِمَ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ أُسْلِفَ فِي سِلْعَةٍ قَائِمَةٍ بِعَيْنِهَا وَأَضْرِبَ لِأَخْذِهَا أَجَلًا؟
قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ غَرَرٌ لَا يَدْرِي أَتَبْلُغُ تِلْكَ السِّلْعَةُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا، وَهُوَ يُقَدِّمُ نَقْدَهُ فَيَنْتَفِعُ صَاحِبُ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِنَقْدِهِ، فَإِنْ هَلَكَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ قَبْلَ الْأَجَلِ كَانَ قَدْ انْتَفَعَ بِنَقْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَصِلَ السِّلْعَةُ إلَيْهِ فَهَذَا مُخَاطَرَةٌ وَغَرَرٌ.

الصفحة 77