كتاب المدونة (اسم الجزء: 3)

أَنْ تَبِيعَ ذَهَبًا نَقْصًا بِوَازِنَةٍ فَلَمْ تَجِدْ مَنْ يُرَاطِلُكَ فَبِعْ نَقْصَك بِوَرِقٍ ثُمَّ ابْتَعْ بِالْوَرِقِ وَازِنَةً وَلَا تَجْعَلْ ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ ذَهَبٌ بِذَهَبٍ وَزِيَادَةٌ أَلَا تَرَى أَنَّك قَدْ رَدَدْت إلَيْهِ وَرِقَهُ وَأَخَذْت مِنْهُ ذَهَبًا وَازِنَةً بِنَقْصِك.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ صَرَفْت دِينَارًا مِنْ رَجُلٍ وَكِلَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ثُمَّ جَلَسْنَا سَاعَةً فَنَقَدَنِي وَنَقَدْته وَلَمْ نَفْتَرِقْ أَيَجُوزُ هَذَا الصَّرْفُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا الصَّرْفُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ إذَا صَارَفْتَ الرَّجُلَ إلَّا أَنْ تَأْخُذَ وَتُعْطِيَ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَصْلُحُ أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ الدِّينَارَ فَيَخْلِطَهُ بِدَنَانِيرِهِ ثُمَّ يُخْرِجُ الدَّرَاهِمَ فَيَدْفَعُهَا إلَيْك.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت سَيْفًا مُحَلًّى كَثِيرَ الْفِضَّةِ نَصْلُهُ تَبَعٌ لِفِضَّتِهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَقَبَضْته ثُمَّ بِعْته مِنْ إنْسَانٍ إلَى جَانِبِي ثُمَّ نَقَدْت الدَّنَانِيرَ صَاحِبَهُ قَالَ: لَا يَصْلُحُ لِصَاحِبِ السَّيْفِ أَنْ يَدْفَعَ السَّيْفَ حَتَّى يَنْتَقِدَ وَلَا يَصْلُحَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَ السَّيْفَ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ، فَأَمَّا الْبَيْعُ إذَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا فِي مَسْأَلَتِك وَكَانَ نَقْدُهُ إيَّاهُ مَعًا مَضَى، وَلَمْ أَرَ أَنْ يُنْتَقَضَ الْبَيْعُ وَرَأَيْته جَائِزًا قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت سَيْفًا مُحَلًّى نَصْلُهُ تَبَعٌ لِفِضَّتِهِ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ افْتَرَقْنَا قَبْلَ أَنْ أَنْقُدَهُ الدَّنَانِيرَ وَقَدْ قَبَضْت السَّيْفَ مِنْهُ ثُمَّ بِعْت السَّيْفَ فَعَلِمَ بِقَبِيحِ ذَلِكَ قَالَ: أَرَى أَنَّ بَيْعَ الثَّانِي لِلسَّيْفِ جَائِزٌ، وَأَرَى لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي قِيمَةَ السَّيْفِ مِنْ الذَّهَبِ يَوْمَ قَبَضَهُ قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا هَكَذَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ رَبِيعَةَ كَانَ يُجِيزُ إذَا كَانَ مَا فِي السَّيْفِ أَوْ الْمُصْحَفِ مِنْ الْفِضَّةِ تَبَعًا لَهُ أَنْ تَبْتَاعَ بِذَهَبٍ إلَى أَجَلٍ، وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُهُ وَمَا يُشَدِّدُ فِيهِ ذَلِكَ التَّشْدِيدَ لِأَنَّهُ أَنْزَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَرْضِ لَمَّا كَانَ يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ وَلِأَنَّ فِي نَزْعِهِ مَضَرَّةً قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَجَعَلْت هَذَا مِثْلَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ؟
قَالَ: نَعَمْ قُلْت: فَإِنْ تَغَيَّرَتْ أَسْوَاقُهُ عِنْدِي قَبْلَ أَنْ أَبِيعَ السَّيْفَ أَتَحْمِلُهُ مَحْمَلَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَتُضَمِّنُنِي قِيمَتَهُ وَلَا تَجْعَلُ لِي رَدَّهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدَيَّ؟
قَالَ: إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدَيْك فَلَا أَجْعَلُهُ مِثْلَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَأَرَى لَك أَنْ تَرُدَّهُ، لِأَنَّ الْفِضَّةَ لَيْسَ فِيهَا تَغْيِيرُ أَسْوَاقٍ وَإِنَّمَا هِيَ مَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدَيْك بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ فَلَكَ أَنْ تَرُدَّهَا قُلْت: فَإِنْ أَصَابَ السَّيْفَ عِنْدِي عَيْبٌ انْقَطَعَ أَوْ انْكَسَرَ الْجَفْنُ قَالَ: فَأَنْتَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضْته قَالَ سَحْنُونٌ: هَذَا مِنْ الرِّبَا وَيُنْتَقَضُ فِي الْبِيَاعَات كُلِّهَا حَتَّى يُرَدَّ إلَى رَبِّهِ إلَّا أَنْ

الصفحة 8