كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَ الْمَانِعِ وَلَا عَدَمَهُ، قَالَ الدَّارِمِيُّ: إِنْ كَانَ هُنَاكَ أَصْلٌ عَمِلَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا وَجَبَ الْحَجُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
قَالَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ رُفْقَةً يَخْرُجُ مَعَهُمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِهِ بِالْخُرُوجِ فِيهِ. فَإِنْ خَرَجُوا قَبْلَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْخُرُوجُ مَعَهُمْ. وَإِنْ أَخَّرُوا الْخُرُوجَ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُونَ إِلَّا بِأَنْ يَقْطَعُوا فِي كُلِّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ مَرْحَلَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْضًا. فَإِنْ كَانَتِ الطَّرِيقُ بِحَيْثُ لَا يَخَافُ الْوَاحِدُ فِيهَا، لَزِمَهُ وَلَا حَاجَةَ إِلَى الرُّفْقَةِ.
الْأَمْرُ الرَّابِعُ: الْبَدَنُ.
وَيُشْتَرَطُ فِيهِ لِاسْتِطَاعَةِ الْمُبَاشَرَةِ قُوَّةٌ يَسْتَمْسِكُ بِهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ. وَالْمُرَادُ: أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ، فَإِنْ وَجَدَ مَشَقَّةً شَدِيدَةً لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَيْسَ مُسْتَطِيعًا.
وَالْأَعْمَى إِذَا وَجَدَ مَعَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ قَائِدًا لَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ. وَالْقَائِدُ لَهُ كَالْمَحْرَمِ لِلْمَرْأَةِ. وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إِلَيْهِ، بَلْ يَصْحَبُهُ الْوَلِيُّ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُنَصِّبَ قَيِّمًا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ.
قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : وَإِذَا شَرَعَ السَّفِيهُ فِي حَجِّ الْفَرْضِ، أَوْ حَجٍّ نَذَرَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ بِغَيْرِ إِذَنِ الْوَلِيِّ، لَمْ يَكُنْ لِلْوَلِيِّ تَحْلِيلُهُ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ إِلَى فَرَاغِهِ. وَلَوْ شَرَعَ فِي حَجِّ تَطَوُّعٍ، ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ. وَلَوْ شَرَعَ فِيهِ بَعْدَ الْحَجْرِ، فَلِلْوَلِيِّ تَحْلِيلُهُ إِنْ كَانَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْحَجِّ يَزِيدُ عَلَى نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ. فَإِنْ لَمْ يَزِدْ، أَوْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ يَفِي مَعَ قَدْرِ النَّفَقَةِ الْمَعْهُودَةِ وَجَبَ إِتْمَامُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَلِيِّ تَحْلِيلُهُ.

الصفحة 11