كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

بِنَفْسِهِ. فَلَوِ اسْتَنَابَ عَنْهُ فَمَاتَ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ، فَفِي إِجْزَائِهِ الْقَوْلَانِ فِي اسْتِنَابَةِ الْمَرِيضِ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ إِذَا مَاتَ.
هَذَا كُلُّهُ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ. أَمَّا حَجُّ التَّطَوُّعِ، فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ عَنِ الْقَادِرِ قَطْعًا.
وَفِي اسْتِنَابَةِ الْمَعْضُوبِ عَنْ نَفْسِهِ، وَالْوَارِثِ عَنِ الْمَيِّتِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْجَوَازُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ. وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمَيِّتُ حَجَّ، وَلَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ فَفِي جَوَازِ الْإِحْجَاجِ عَنْهُ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ. لِوُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنِ اسْتَأْجَرَ لِلتَّطَوُّعِ وَجَوَّزْنَاهُ فَلِلْأَجِيرِ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ عَبْدًا، أَوْ صَبِيًّا، بِخِلَافِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُمَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا. وَفِي الْمَنْذُورَةِ، الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ، فِي أَنَّهُ يَسْلُكُ بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ الْوَاجِبَاتِ أَمْ لَا؟ وَإِنْ لَمْ نُجَوِّزْ الِاسْتِئْجَارَ لِلتَّطَوُّعِ وَقَعَ الْحَجُّ عَنِ الْأَجِيرِ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُسَمَّى. وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ؟ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: يَسْتَحِقُّ.
قُلْتُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي: هَذَا الْخِلَافُ إِذَا جَهِلَ الْأَجِيرُ فَسَادَ الْإِجَارَةِ. فَإِنْ عَلِمَ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا بِلَا خِلَافٍ. قَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمَعْضُوبِ، فَإِنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِحَجَّةِ تَطَوُّعٍ، وَقُلْنَا: لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ، فَحَجَّ الْأَجِيرُ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ، لَا عَلَى الْوَصِيِّ وَلَا عَلَى الْوَارِثِ، وَلَا فِي التَّرِكَةِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
مَنْ بِهِ عِلَّةٌ يُرْجَى زَوَالُهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ. فَإِنِ اسْتَنَابَ فَحَجَّ النَّائِبُ فَشُفِيَ لَمْ يُجْزِئْهُ قَطْعًا. وَإِنْ مَاتَ، فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا يُجْزِئُهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ، فَأُحِجَّ عَنْهُ ثُمَّ شُفِيَ، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: طَرْدُ

الصفحة 13