كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

إِذَا لَمْ يَشْرَعِ الْأَجِيرُ فِي الْحَجِّ فِي السَّنَةِ الْأُولَى لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَتِ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ، انْفَسَخَتْ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ نُظِرَ إِنْ لَمْ يُعَيِّنَا سَنَةً، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ كَتَعْيِينِ السَّنَةِ الْأُولَى. وَذُكِرَ فِي «التَّهْذِيبِ» : أَنَّهُ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَنِ السَّنَةِ الْأُولَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ، لَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ. وَإِنْ عَيَّنَا الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا، فَأَخَّرَ عَنْهَا، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ، كَمَا لَوِ انْقَطَعَ الْمُسْلِمُ فِيهِ فِي مَحَلِّهِ. أَظْهَرُهَا: لَا تَنْفَسِخُ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الْمَعْضُوبُ، فَلَهُ الْخِيَارُ، إِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ لِيَحُجَّ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى. وَإِنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَنْ مَيِّتٍ مِنْ مَالِهِ، قَالَ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ: لَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ. وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي هَذَا. وَذَكَرَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُ: أَنَّ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يُرَاعِيَ النَّظَرَ لِلْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ لِخَوْفِ إِفْلَاسِ الْأَجِيرِ أَوْ هَرَبِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ضُمِّنَ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ الْمَنْسُوبُ إِلَى الْعِرَاقِيِّينَ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ رَأَيْتُهُمَا لِلْأَئِمَّةِ.
أَحَدُهُمَا: صَوَّرَ بَعْضُهُمُ الْمَنْعَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ إِنْسَانٌ بِمِائَةٍ مَثَلًا، وَوَجْهُهُ: بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مُسْتَحَقَّةُ الصَّرْفِ إِلَيْهِ.
الثَّانِي: قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي الشَّرْحِ: لِلْمُسْتَأْجِرِ لِمَيِّتٍ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إِلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْعَقْدَ إِنْ كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ، فَإِذَا نَزَلَ مَنْ ذَكَرُوهُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ. وَإِنْ نَزَلَ عَلَى الثَّانِي هَانَ أَمْرُهُ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُوبُ لِنَفْسِهِ، فَمَاتَ وَأَخَّرَ الْأَجِيرُ الْحَجَّ عَنِ السَّنَةِ، فَلَمْ نَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ

الصفحة 22