كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

وَالسَّيْرِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَزَّعْنَا الْمُسَمَّى عَلَى حَجَّةٍ مِنْ بَلْدَةٍ إِحْرَامُهَا مِنَ الْمِيقَاتِ، وَعَلَى حَجَّةٍ مِنْ بَلْدَةٍ إِحْرَامُهَا مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ. وَعَلَى هَذَا يَقِلُّ الْمَحْطُوطُ. ثُمَّ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ النَّظَرَ إِلَى الْفَرَاسِخِ وَحْدَهَا، أَمْ يُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ السُّهُولَةُ وَالْخُشُونَةُ؟ وَالْأَصَحُّ: الثَّانِي. وَلَوْ عَدَلَ الْأَجِيرُ عَنْ طَرِيقِ الْمِيقَاتِ الْمُعْتَبَرِ إِلَى طَرِيقٍ آخَرَ مِيقَاتُهُ مِثْلُ الْمُعْتَبَرِ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ. أَمَّا إِذَا عَيَّنَا مَوْضِعًا آخَرَ، فَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى مَكَّةَ مِنَ الشَّرْعِيِّ، فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ مُفْسِدُ الْإِجَارَةِ، إِذَ لَا يَجُوزُ لِمُرِيدِ النُّسُكِ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحَرِمٍ. وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ، بِأَنْ عَيَّنَا الْكُوفَةَ فَهَلْ يَلْزَمُ الْأَجِيرَ الدَّمُ لِمُجَاوَزَتِهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ؟ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: نَعَمْ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَلْزَمُ الدَّمُ، حُطَّ قِسْطُ الْأُجْرَةِ قَطْعًا، وَإِلَّا، فَفِي حُصُولِ الِانْجِبَارِ بِهِ الطَّرِيقَانِ. وَكَذَلِكَ لَوْ لَزِمَهُ الدَّمُ لَتَرْكِ مَأْمُورٍ، كَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ. فَإِنْ لَزِمَهُ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ كَاللَّبْسِ وَالْقَلْمِ، لَمْ يُحَطَّ شَيْءٌ مِنَ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصِ الْعَمَلَ. وَلَوْ شُرِطَ الْإِحْرَامُ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ، فَأَخَّرَهُ لَزِمَهُ الدَّمُ، وَفِي الِانْجِبَارِ الْخِلَافُ. وَكَذَا لَوْ شُرِطَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَحَجَّ رَاكِبًا، لِأَنَّهُ تَرَكَ مَقْصُودًا. هَكَذَا نُقِلَتِ الْمَسْأَلَتَانِ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَا مُفَرَّعَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمِيقَاتَ الْمَشْرُوطَ كَالشَّرْعِيِّ، وَإِلَّا فَلَا [يَلْزَمُ] الدَّمُ، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ تَعْيِينِ الْكُوفَةِ.

فَرْعٌ
إِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِرَانِ، فَتَارَةً يَمْتَثِلُ، وَتَارَةً يَعْدِلُ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى، فَإِنِ امْتَثَلَ فَقَرَنَ وَجَبَ دَمُ الْقِرَانِ. وَعَلَى مَنْ يَجِبُ؟ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَالثَّانِي: عَلَى الْأَجِيرِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ شُرِطَ أَنْ يَكُونَ

الصفحة 26