كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

كِتَابُ الْحَجِّ
لَا يَجِبُ الْحَجُّ بِأَصْلِ الشَّرْعِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً. وَقَدْ يَجِبُ زِيَادَةً لِعَارِضٍ كَالنَّذْرِ أَوِ الْقَضَاءِ، أَوْ لِدُخُولِ مَكَّةَ عَلَى قَوْلٍ. وَمَنْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَجُّ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ إِنَّمَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ إِذَا اتَّصَلَ بِهَا الْمَوْتُ.
فَصْلٌ
يَنْقَسِمُ النَّاسُ فِي الْحَجِّ إِلَى مَنْ يَصِحُّ لَهُ الْحَجُّ، وَمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ بِالْمُبَاشَرَةِ، وَمَنْ يَقَعُ لَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ. فَأَمَّا الصِّحَّةُ الْمُطْلَقَةُ فَشَرْطُهَا: الْإِسْلَامُ فَقَطْ. فَلَا يَصِحُّ حَجُّ كَافِرٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ. فَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُحْرِمَ عَنِ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَعَنِ الْمَجْنُونِ. وَأَمَّا صِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ، فَشَرْطُهَا: الْإِسْلَامُ، وَالتَّمْيِيزُ. فَلَا تَصِحُّ مُبَاشَرَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ، وَتَصِحُّ مِنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْعَبْدِ. وَسَيَأْتِي هَذَا كُلُّهُ فِي بَابِ حَجِّ الصَّبِيِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا وُقُوعُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَلَهُ شَرْطَانِ زَائِدَانِ: الْبُلُوغُ، وَالْحُرِّيَّةُ. وَلَوْ تَكَلَّفَ الْفَقِيرُ الْحَجَّ وَقَعَ عَنِ الْفَرْضِ. وَأَمَّا وُجُوبُ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَشُرُوطُهُ خَمْسَةٌ: الْإِسْلَامُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالِاسْتِطَاعَةُ.

الصفحة 3