كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

تَأْخِيرُهُ.
وَلَوِ اسْتُؤْجِرَ مَنْ لَمْ يَحُجَّ لِلْحَجِّ فِي الذِّمَّةِ جَازَ، وَطَرِيقُهُ: أَنْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ. وَإِجَارَةُ الْعَيْنِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّنُ لِلسَّنَةِ الْأُولَى. فَإِذَا بَطَلَتْ نُظِرَ إِنْ ظَنَّهُ حَجَّ فَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ، لَمْ يَسْتَحِقَّ أَجْرَهُ، لِتَغْرِيرِهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ وَقَالَ: يَجُوزُ فِي اعْتِقَادِي أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ مَنْ لَمْ يَحُجَّ، فَحَجَّ الْأَجِيرُ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ. وَفِي اسْتِحْقَاقِهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَوْلَانِ، أَوْ وَجْهَانِ تَقَدَّمَتْ نَظَائِرُهُمَا. أَمَّا إِذَا اسْتَأْجَرَ لِلْحَجِّ مَنْ حَجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ، أَوْ لِلْعُمْرَةِ مَنِ اعْتَمَرَ وَلَمْ يَحُجَّ، فَقَرَنَ الْأَجِيرُ وَأَحْرَمَ بِالنُّسُكَيْنِ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ، أَوْ أَحْرَمَ بِمَا اسْتُؤْجِرَ لَهُ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَبِالْآخَرِ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَوْلَانِ. الْجَدِيدُ: أَنَّهُمَا يَقَعَانِ عَنِ الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ نُسُكَيِ الْقِرَانِ لَا يَفْتَرِقَانِ لِاتِّحَادِ الْإِحْرَامِ، وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ إِلَيْهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ مَا اسْتُؤْجِرَ لَهُ يَقَعُ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْآخَرُ عَنِ الْأَجِيرِ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ رَجُلَانِ شَخْصًا، أَحَدُهُمَا: لِيَحُجَّ عَنْهُ، وَالْآخَرُ لِيَعْتَمِرَ عَنْهُ، فَقَرَنَ عَنْهُمَا، فَعَلَى الْجَدِيدِ: يَقَعَانِ عَنِ الْأَجِيرِ.
وَعَلَى الثَّانِي: يَقَعُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا اسْتَأْجَرَ لَهُ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُأحروبُ رَجُلَيْنِ لِيَحُجَّا عَنْهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، أَحَدُهُمَا حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَالْآخَرُ حَجَّةَ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَجُوزُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي «الْأُمِّ» ؛ لِأَنَّ غَيْرَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لَمْ تَتَقَدَّمْ عَلَيْهَا.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ. فَعَلَى الثَّانِي: إِنْ أَحْرَمَ الْأَجِيرَانِ مَعًا، انْصَرَفَ إِحْرَامُهُمَا إِلَى أَنْفُسِهِمَا. وَإِنْ سَبَقَ إِحْرَامُ أَحَدِهِمَا وَقَعَ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَنِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَانْصَرَفَ إِحْرَامُ الْآخَرِ إِلَى نَفْسِهِ.

الصفحة 35