كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ. وَهَلْ تَبْرَأُ ذِمَّةُ الدَّافِعِ مِنْ حَقِّ الْمُوَكِّلِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِنَفْسِكَ، فَالتَّوْكِيلُ فَاسِدٌ، وَتَكُونُ الدَّرَاهِمُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا لِيَمْلِكَهَا. فَإِنِ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ، وَقَعَ عَنْهُ وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ. وَإِنِ اشْتَرَى بِعَيْنِهَا، فَهُوَ بَاطِلٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ قَالَ لِمُسْتَحِقِّ الْحِنْطَةِ: اكْتَلْ حَقَّكَ مِنَ الصُّبْرَةِ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ الْكَيْلَ أَحَدُ رُكْنَيِ الْقَبْضِ، وَقَدْ صَارَ نَائِبًا فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، مُتَأَصِّلًا لِنَفْسِهِ.
فَرْعٌ
يُسْتَثْنَى عَنِ الشَّرْطِ الثَّانِي، مَا إِذَا اشْتَرَى الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ، فَإِنَّهُ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْقَبْضِ، كَمَا يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْبَيْعِ. وَفِي احْتِيَاجِهِ إِلَى النَّقْلِ فِي الْمَنْقُولِ، وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: يَحْتَاجُ، كَمَا يَحْتَاجُ إِلَى الْكَيْلِ إِذَا بَاعَ كَيْلًا.
فَرْعٌ
يُسْتَثْنَى عَنْ صُورَةِ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ، إِتْلَافُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، فَإِنَّهُ قَبْضٌ كَمَا سَبَقَ.
قُلْتُ: وَمِمَّا يُسْتَثْنَى أَيْضًا، إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ خَفِيفًا يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ، فَقَبَضَهُ بِالتَّنَاوُلِ وَاحْتِوَاءِ الْيَدِ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَهُ الْمُحَامِلِيُّ وَصَاحِبُ «التَّنْبِيهِ» وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَبْضًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 523