كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

فَرْعٌ
مِنْ شَرْطِ التَّوْلِيَةِ، كَوْنُ الثَّمَنِ مِثْلِيًّا. فَلَوِ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ، لَمْ يَصِحَّ، إِلَّا إِذَا انْتَقَلَ ذَلِكَ الْعَرَضُ مِنَ الْبَائِعِ إِلَى إِنْسَانٍ فَوَلَّاهُ الْعَقْدَ. وَلَوِ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ وَقَالَ: «قَامَ عَلَيَّ» بِكَذَا، وَقَدْ وَلَّيْتُكَ الْعَقْدَ بِمَا «قَامَ عَلَيَّ» ، أَوْ أَرَادَتْ عَقْدَ التَّوْلِيَةِ عَلَى صَدَاقِهَا بِلَفْظِ الْقِيَامِ، أَوْ أَرَادَهَا الرَّجُلُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ، فَوَجْهَانِ. وَلَوْ أَخْبَرَ الْمُوَلِّيَ عَمَّا اشْتَرَى وَكَذِبَ، فَقِيلَ: هُوَ كَالْكَذِبِ فِي الْمُرَابَحَةِ، وَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقِيلَ: يُحَطُّ [قَدْرُ الْخِيَانَةِ] قَوْلًا وَاحِدًا.
اللَّفْظُ الثَّانِي: الْإِشْرَاكُ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا، ثُمَّ يُشْرِكُ غَيْرَهُ فِيهِ لِيَصِيرَ بَعْضُهُ لَهُ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ. ثُمَّ إِنْ صَرَّحَ بِالْمُنَاصَفَةِ وَغَيْرِهِا، فَذَاكَ. وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِشْرَاكَ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : يَفْسَدُ الْعَقْدُ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَقَطَعَ بِهِ فِي «التَّتِمَّةِ» : أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ.
قُلْتُ: قَطَعَ الْقَفَّالُ فِي شَرْحِ «التَّلْخِيصِ» بِالْوَجْهِ الثَّانِي، وَصَحَّحَهُ فِي «الْمُحَرَّرِ» وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَالَ الْقَفَّالُ: وَصُورَةُ التَّصْرِيحِ بِالْإِشْرَاكِ فِي النِّصْفِ، أَنْ يَقُولَ: أَشْرَكْتُكَ بِالنِّصْفِ. فَإِنْ قَالَ: أَشْرَكْتُكَ فِي النِّصْفِ، كَانَ لَهُ الرُّبُعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْإِشْرَاكُ فِي الْبَعْضِ كَالتَّوْلِيَةِ فِي الْكُلِّ فِي الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: الْمُرَابَحَةُ: بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَهُوَ عَقْدٌ يُبْنَى الثَّمَنُ فِيهِ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْأَوَّلِ مَعَ زِيَادَةٍ، بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا بِمِائَةٍ، ثُمَّ يَقُولَ لِغَيْرِهِ: بِعْتُكَ هَذَا بِمَا اشْتَرَيْتُهُ وَرِبْحِ ده يازده، أَوْ بِرِبْحِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عِشْرَةٍ، أَوْ فِي كُلِّ عِشْرَةٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَضُمَّ إِلَى رَأْسِ الْمَالِ شَيْئًا ثُمَّ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً، مِثْلَ أَنْ

الصفحة 528