كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

فَصْلٌ
لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ بِمِائَةٍ، وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِتِسْعِينَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ. فَعَلَى هَذَا، كَذِبَهُ ضَرْبَانِ، خِيَانَةٌ، وَغَلَطٌ. وَفِي الضَّرْبَيْنِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: يُحْكَمُ بِسُقُوطِ الزِّيَادَةِ وَحِصَّتِهَا مِنَ الرِّبْحِ. وَالثَّانِي: لَا تَسْقُطُ. فَإِنْ قُلْنَا بِالسُّقُوطِ، فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا خِيَارَ. وَالثَّانِي: يَثْبُتُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: إِنْ بَانَ كَذِبُهُ بِالْبَيِّنَةِ، فَلَهُ الْخِيَارُ. وَإِنْ بَانَ بِالْإِقْرَارِ، فَلَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا ظَهَرَ بِالْبَيِّنَةِ، لَا يُؤْمَنُ خِيَانَةً أُخْرَى، وَالْإِقْرَارُ يُشْعِرُ بِالْأَمَانَةِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا خِيَارَ، أَوْ قُلْنَا بِهِ، فَأَمْسَكَ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْحَطِّ، فَهَلْ لِلْبَائِعِ خِيَارٌ؟ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا. وَقِيلَ الْوَجْهَانِ فِي صُورَةِ الْخِيَانَةِ.
وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْغَلَطِ، فَلَهُ الْخِيَارُ قَطْعًا. وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ السُّقُوطِ، فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِكَذِبِ الْبَائِعِ، فَيَكُونُ كَمَنِ اشْتَرَى مَعِيبًا وَهُوَ يَعْلَمُهُ. وَإِذَا ثَبَتَ الْخِيَارُ، فَقَالَ الْبَائِعُ: لَا تَفْسَخْ، فَإِنِّي أَحُطُّ عَنْكَ الزِّيَادَةَ، فَفِي سُقُوطِ خِيَارِهِ وَجْهَانِ. وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ، إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيًا. فَأَمَّا إِذَا ظَهَرَ الْحَالُ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ، فَقَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ بِسُقُوطِ الزِّيَادَةِ وَرِبْحِهَا. وَالْأَصَحُّ: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، نَقَلَهُ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» وَالشَّاشِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا مُطْلَقًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قُلْنَا بِالسُّقُوطِ، فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. وَأَمَّا الْبَائِعُ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ بَقَاءِ السِّلْعَةِ، فَكَذَا هُنَا، وَإِلَّا، فَيَثْبُتُ هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ السُّقُوطِ، فَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: لَا، كَمَا لَوْ عَلِمَ الْعَيْبَ بَعْدَ

الصفحة 535