كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

أَوْ يَصْفَرَّ أَوْ يَسُودَّ، وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ وَإِنْ عُرِفَ بِهَا بُدُوُّ الصَّلَاحِ، فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا شَرْطًا فِيهِ ; لِأَنَّ الْقِثَّاءَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا، بَلْ يُسْتَطَابُ أَكْلُهُ صَغِيرًا وَكَبِيرًا. وَإِنَّمَا بُدُوُّ صَلَاحِهِ، أَنْ يَكْبُرَ بِحَيْثُ يُجْنَى فِي الْغَالِبِ وَيُؤْكَلُ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ فِي الصِّغَرِ عَلَى النُّدُورِ. وَكَذَا الزَّرْعُ، لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا، وَبُدُوُّ صَلَاحِهِ بِاشْتِدَادِ الْحَبِ. قَالَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : بَيْعُ أَوْرَاقِ الْفِرْصَادِ قَبْلَ تَنَاهِيهَا، لَا يَجُوزُ إِلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ، وَبَعْدَهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَبِشَرْطِ الْقَطْعِ. وَالْعِبَارَةُ الشَّامِلَةُ أَنْ يُقَالَ: بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، ضَرُورَتُهَا إِلَى الصِّفَةِ الَّتِي تُطْلَبُ غَالِبًا لِكَوْنِهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ.

فَرْعٌ
بَيْعُ الْبِطِّيخِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، لَا يَصْحُّ
[مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ] ، فَإِنْ بَدَا الصَّلَاحُ فِي كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ يَخَافُ خُرُوجَ غَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ، فَإِنْ شَرَطَ فَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى اخْتَلَطَ، فَفِي انْفِسَاخِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ يَأْتِي نَظِيرُهُمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ خُرُوجَ غَيْرِهِ، جَازَ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ. هَذَا إِذَا أَفْرَدَ الْبِطِّيخَ بِالْبَيْعِ، وَوَرَاءَهُ حَالَتَانِ.
إِحْدَاهُمَا: لَوْ أَفْرَدَ أُصُولَهُ بِالْبَيْعِ، قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ: يَجُوزُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ إِذَا لَمْ يَخَفِ الِاخْتِلَاطَ. ثُمَّ الْحَمْلُ الْمَوْجُودُ يَبْقَى لِلْبَائِعِ، وَمَا يَحْدُثُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرَى. وَإِنْ خِيفَ اخْتِلَاطُ الْحِمْلَيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ. فَإِنْ شَرَطَ، فَلَمْ يَتَّفِقْ حَتَّى وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ، فَطَرِيقَانِ سَنَذْكُرُهُمَا فِي نَظِيرِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ بَاعَ الْأُصُولَ قَبْلَ خُرُوجِ الْحَمْلِ، فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْقَطْعِ وَالْقَلْعِ، كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ. وَإِذَا شَرَطَ، ثُمَّ اتَّفَقَ بَقَاؤُهُ حَتَّى خَرَجَ الْحَمْلُ، فَهُوَ لِلْمُشْتَرَى.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: بَاعَ الْبِطِّيخَ مَعَ أُصُولِهِ، قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ

الصفحة 558