كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

شَرْطِ الْقَطْعِ ; لِأَنَّ الْبِطِّيخَ مَعَ أُصُولِهِ مُتَعَرِّضٌ لِلْعَاهَةِ، بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ مَعَ الثَّمَرَةِ. فَلَوْ بَاعَ الْبِطِّيخَ مَعَ الْأَرْضِ، اسْتُغْنِيَ عَنْ شَرْطِ الْقَطْعِ، وَالْأَرْضُ كَالشَّجَرِ. وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَحْدَهَا إِذَا لَمْ يَخَفِ الِاخْتِلَاطَ، أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ. وَالْبَاذِنْجَانُ وَنَحْوُهُ، كَالْبِطِّيخِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ.
فَرْعٌ
لِابْنِ الْحَدَّادِ
لَوْ بَاعَ نِصْفَ الثِّمَارِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ مَشَاعًا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، لَمْ يَصِحَّ. وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَفْتَقِرُ إِلَى شَرْطِ الْقَطْعِ، وَلَا يُمْكِنُ قَطْعُ النِّصْفِ إِلَّا بِقَطْعِ الْكُلِّ، فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِ غَيْرِ الْمَبِيعِ، فَأَشْبَهَ مَا إِذَا بَاعَ نِصْفًا مُعَيَّنًا مِنْ سَيْفٍ. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ قَطْعَ النِّصْفِ لَا يُمْكِنُ إِلَّا بِقَطْعِ الْجَمِيعِ، إِنَّمَا يَسْتَمِرُّ بِتَقْدِيرِ دَوَامِ الْإِشَاعَةِ وَامْتِنَاعِ الْقِسْمَةِ. أَمَّا إِذَا جَوَّزْنَا قِسْمَةَ الثِّمَارِ الرَّطْبَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا إِفْرَازٌ، فَيُمْكِنُ قَطْعُ النِّصْفِ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ الْجَمِيعِ، بِأَنْ يُقَسَّمَ أَوَّلًا، فَلْيَكُنْ مَنْعُ الْبَيْعِ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِامْتِنَاعِ الْقِسْمَةِ، لَا مُطْلَقًا، وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ ابْنِ الْحَدَّادِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَلَوْ بَاعَ نَصْفَهَا مَعَ نِصْفِ النَّخْلِ، صَحَّ وَكَانَتِ الثِّمَارُ تَابِعَةً. وَلَوْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ لِوَاحِدٍ، وَالشَّجَرَةُ لِآخَرَ، فَبَاعَ صَاحِبُ الثَّمَرَةِ صَاحِبَ الشَّجَرَةِ نِصْفَهَا، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ هُنَا. وَلَوْ كَانَتِ الْأَشْجَارُ وَالثِّمَارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ، لَمْ يَصِحَّ. وَلَوِ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ بِنَصِيبِهِ مِنَ الشَّجَرِ، لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ; لِأَنَّ جُمْلَةَ الثِّمَارِ تَصِيرُ لِمُشْتَرِي الثَّمَرَةِ، وَجُمْلَةَ الشَّجَرِ لِلْآخَرِ، وَيَلْزَمُ مُشْتَرِيَ الثَّمَرَةِ قَطْعُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ الْتَزَمَ قَطْعَ النِّصْفِ الْمُشْتَرَى، وَتَفْرِيغَ الْأَشْجَارِ لِصَاحِبِهِ. وَبَيْعُ الشَّجَرَةِ عَلَى أَنْ يُفَرِّغَهَا الْبَائِعُ، جَائِزٌ. وَكَذَا

الصفحة 559