كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 3)

كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا. وَأَصَحُّهُمَا: يَنْعَقِدُ فَاسِدًا. وَلَوِ انْعَقَدَ صَحِيحًا، لَمْ يَفْسُدْ، إِذْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدَ انْعِقَادِهِ مُفْسِدٌ. فَإِنْ قُلْنَا: يَنْعَقِدُ فَاسِدًا، أَوْ صَحِيحًا ثُمَّ يَفْسُدُ، مَضَى فِي النُّسُكَيْنِ وَقَضَاهُمَا. وَإِنْ قُلْنَا: يَنْعَقِدُ صَحِيحًا وَلَا يَفْسُدُ، قَضَى الْعُمْرَةَ دُونَ الْحَجِّ. وَعَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ: يَلْزَمُهُ دَمُ الْقِرَانِ، وَلَا يَجِبُ لِلْإِفْسَادِ إِلَّا بَدَنَةٌ وَاحِدَةٌ، كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. وَحَكَى الْإِمَامُ: وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، إِذَا حَكَمْنَا بِانْعِقَادِ حَجِّهِ فَاسِدًا. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ أُخْرَى لِفَسَادِ الْحَجِّ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ الْبَدَنَةُ لِلْعُمْرَةِ، وَشَاةٌ لِلْحَجِّ، كَمَا لَوْ جَامَعَ، ثُمَّ جَامَعَ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ، فَانْظُرْ، إِنْ كَانَ الْحَدَثُ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ، فَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فَاسِدَانِ، وَالْجِمَاعُ وَاقِعٌ قَبْلَ التَّحَلُّلِ، لَكِنْ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ، فَهَلْ يَكُونُ كَالنَّاسِي؟ فِيهِ طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. وَالثَّانِي: لَا. فَإِنْ لَمْ تَفْسُدِ الْعُمْرَةُ بِهِ، صَارَ قَارِنَا وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلْقِرَانِ، وَدَمٌ لِلْحَلْقِ قَبْلَ وَقْتِهِ إِنْ كَانَ حَلَقَ كَمَا سَبَقَ. وَإِنْ أَفْسَدْنَا الْعُمْرَةَ، فَعَلَيْهِ لِلْإِفْسَادِ بَدَنَةٌ، وَلِلْحَلْقِ شَاةٌ.
وَإِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، فَقَدْ أَدْخَلَهُ عَلَى عُمْرَةٍ فَاسِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ، فَهُوَ فِي عُمْرَتِهِ كَمَا كَانَ، فَيَتَحَلَّلُ مِنْهَا وَيَقْضِيهَا. وَإِنْ دَخَلَ وَقُلْنَا بِفَسَادِ الْحَجِّ، فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ لِلْإِفْسَادِ، وَدَمٌ لِلْحَلْقِ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَدَمٌ لِلْقِرَانِ، وَيَمْضِي فِي فَاسِدِهِمَا ثُمَّ يَقْضِيهِمَا. وَإِنْ قَالَ: كَانَ الْحَدَثُ قَبْلَ طَوَافِ الْحَجِّ، فَعَلَيْهِ إِعَادَةُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَقَدْ صَحَّ نُسُكَاهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا دَمُ التَّمَتُّعِ. وَإِنْ قَالَ: لَا أَدْرِي فِي أَيِّ الطَّوَافَيْنِ كَانَ، أَخَذَ فِي كُلِّ حُكْمٍ بِالْيَقِينِ، فَلَا يَتَحَلَّلُ مَا لَمْ يُعِدِ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ حَدَثَهُ كَانَ فِي طَوَافِ الْحَجِّ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، إِنْ كَانَا وَاجِبَيْنِ عَلَيْهِ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُحْدِثًا

الصفحة 67