كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 3)

3 - أحمد (¬1) بن يوسف
هو أحمد بن يوسف بن صبيح الكاتب الكوفى مولى بنى عجل، وقد ألممنا بأبيه فى الفصل الماضى وقلنا إنه كان يكتب فى دواوين الكوفة لولاة بنى أمية، ثم لما تحولت مقاليد الخلافة إلى العباسيين كتب لعبد الله بن على ثم التحق بدواوين المنضور، وظل يكتب فى دواوين المهدى والهادى، ولمع نجمه فى عصر الرشيد والبرامكة، فكان يخلف يحيى البرمكى على الدواوين فى قصره وقصر الرشيد.
ولا نعرف بالضبط متى ولد له ابنه أحمد، ويغلب أن يكون ميلاده حول منتصف القرن الثانى للهجرة، ويظهر أنه عنى بتأديبه عناية واسعة، كى يصلح للعمل فى الدواوين على شاكلته، فأخذه بثقافة عربية دقيقة حتى غدا شاعرا يحسن نظم الشعر وصوغه، كما أخذه بثقافة إسلامية واسعة، حتى يعرف الحدود وأحكام أهل الذمة وأصول الدين وفروعه، وأخذه أيضا بثقافة رياضية واسعة تعينه فى الخراج وشئونه.
ولا بد أن يكون قد أخذه بثقافات العجم مما يتصل بآداب السياسة وبكتب الفلسفة والحكمة، ولا بد أن يكون أيضا قد أخذه بآداب اللياقة حتى يحسن مخاطبة الخلفاء والوزراء، وحتى الخطّ نراه يوجهه إلى إتقانه مما جعله يشتهر مع فصاحته وبلاغته بحسن خطه، ويروى أن قائلا قال له يوما: ما أدرى ممّ أعجب، مما وليه الله من حسن خلقك أو مما وليته من تحسين أخلاقك.
وعلى هذا النحو أعدّ أحمد بن يوسف ليكون مثالا للكاتب الحاذق النابه، وأغلب الظن أن أباه ألحقه بالدواوين معه، وأنه كتب بين يديه فى دواوين الرشيد، وأعجبت الفضل بن سهل مدبر شئون المأمون نجابته، فالتقطه وحثّه على التحول معه ومع المأمون إلى مرو حين اتخذها قاعدة لولايته على شرقى الدولة كى يكتب فى
¬_________
(¬1) انظر فى ترجمة أحمد بن يوسف وأخباره كتاب الأوراق للصولى (قسم الشعراء) ص 143، 206 وكتاب بغداد لطيفور فى مواضع متفرقة (انظر الفهرس) وتاريخ بغداد للخطيب البغدادى 5/ 216 والأغانى (طبعة الساسى) 20/ 56 وزهر الآداب 2/ 130 والفخرى ص 169 ومعجم الأدباء لياقوت 5/ 161 وغرر الخصائص الواضحة للوطواط ص 109 وانظر الجهشيارى ص 304 والعقد الفريد 2/ 145

الصفحة 541