كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 3)

وفائدة التضمين إعطاء مجموع المعنيين فالفعلان مقصودان معًا قصدًا وتبعًا" (¬1).
وجاء في الكشاف في قوله تعالى: {ولا تعد عيناك عنهم} [الكهف: 28]، " يقال عداه إذا جاوزه ومنه قولهم عدا طوره .. وإنما عدي بـ (عن) لتضمن (عدا) معنى (نبا) و (علا) في قولك نبت عنه عينه، وعلت عنه عينه، إذا اقتحمته ولم تعلق به.
فإن قلت: أي غرض في هذا التضمين؟ وهلا قيل: ولا تعدهم عيناك، أو لا تعل عيناك عنهم
قلت: الغرض فيه إعطاء مجموع معنيين، وذلك أقوى من إعطاء معنى فذ، ألا ترى كيف رجع المعنى إلى قولك ولا تقتحمهم عيناك مجاوزين إلى غيرهم، ونحوه قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} [النساء: 2]، أي ولا تضموها إليها آكلين لها (¬2).
وجاء في (الخصائص): اعلم أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر، وكان أحدهما يتعدى بحرف، والآخر بآخر، فإن العرب قد تتسع فتوقع أحد الحرفين، موقع صاحبه إيذانا بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر، فلذلك جيء معه بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه وذلك كقول الله عز اسمه: " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} [البقرة: 187]، وأنت لا تقول رفثت إلى المرأة، وإنما تقول رفثت بها، لكنه لما كان الرفث هنا في معنى الافضاء وكنت تعدي أفضيت بـ (إلى) كقولك (أفضيت إلى المرأة) جئت بـ (إلى) مع الرفث، إيذانا وإشعارا إنه بمعناه" (¬3).
وجاء في (أمالي ابن الشجري) في قوله تعالى: {من بعد أن أظفركم عليهم} [الفتح: 24]، أن الجاري على ألسنتهم ظفرت به وأظفرني الله به، ولكن جاء أظفركم عليهم محمولا على أظهركم عليهم (¬4).
¬__________
(¬1) حاشية الجرجاني 1/ 97
(¬2) الكشاف 2/ 257
(¬3) الخصائص 2/ 308
(¬4) أمالي ابن الشجري 1/ 148

الصفحة 13