كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 3)

وأما قولك (اختصم الزيدون فالخالدون، أو ثم الخالدون) فيدل على الزيدين اختصموا أولا، فيما بينهم، ثم تبعهم الخالدون فاختصموا بينهم أيضا (¬1).
فإن أردت اختصام الزيدين والخالدين معا، لم يجز إلا أن تقول: اختصم الزيدون، والخالدون.
ومن هذا قوله تعالى: {وما يستوي الأعمي والبصير} [غافر: 58]، لأن الفعل (استوي) يقضي أمرين، وأما قوله تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة} [فصلت: 34]، فقالوا فيه: إن (لا) الثانية زائدة لأمن اللبس، وكذا قوله تعالى: {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور} [فاطر: 19، 20] (¬2). وذهب آخرون إلى أن المعنى، أن الحسنات لا تستوي فيما بينها، وكذلك السيئات فحسنة أعظم من حسنة، وسيئة أكبر من سيئة، فجيء بـ (لا) لهذا المعنى.
جاء في (البرهان): " وأما قوله: {ولا تستوى الحسنة ولا السيئة} فمن قال: المراد أن الحسن لا تساوي السيئة، فـ (لا) عنده زائده، ومن قال أن جنس الحسنة لايستوي أفراده وجنس السيئة لا يستوي افراده - وهو الظاهر من سياق الآية - فليست زائدة الواو عاطفة جملة على جملة (¬3).
وقد ورد هذا الفعل في نحو هذا التعبير في خمسة مواطن من القرآن الكريم، هي قوله تعالى: {وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور، وما يستوي الأحياء ولا الأموات} [فاطر: 18 - 22].
وقوله: {وما يستوي الأعمى والبصير والذين أمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء} [غافر: 58].
وقوله: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن} [فصلت: 34].
¬__________
(¬1) انظر التصريح 3/ 136، حاشية يس على التصريح 2/ 136
(¬2) الهمع 2/ 129
(¬3) البرهان 4/ 357

الصفحة 228