كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 3)

ولو كانت خلفا من (كم) لجاز ان يدخل عليها النسق، كما فعل بواو اليمين، وهي عندي واو العطف وهذا أيضا مما يدل على أن رب جواب وعطف على كلام (¬1).
والذي يبدو من استعمالها أنها لا تطابق (رب)، وأن الجر ليس بـ (رب) المحذوفة ولا هي عاطفة، بل هي حرف خاص له استعماله ويدل على ذلك أمور منها:
1 - انها لا يصح إبدالها بـ (رب) أو إظهار (رب) معها، فإنك تحس أن المعنى يختلف وذلك نحو قول الشاعر:
ألا رب يوم لك منهن صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل
فلا يحسن أن يقال فيه (ويوم لك منهن صالح) وكذلك نحو قوله (رب مبلغ أوعى من سامع) وقوله (رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة) و (رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) و (رب أخ لك لم تلده أمك) و (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش) فأنت ترى أنه لا يصح إبدالها بـ (رب) فلا تقول:
وكاسية في الدنيا عارية يوم القيامة، ولا وحامل فقه .. إلى آخره، ولو كانت بمعناها أو خلفا منها لصح إبدالها بها.
2 - قد يراد بمجرور (رب) العموم، ولا يدل على شيء معين، وأما المجرور بعد الواو فلا بد فيه أن يكون مخصوصا، فقوله (رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة) لا يدل على كاسية معينة، بل هو دال على العموم، وقوله:
(رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) لا يراد به حامل فقه معين، وإنما يدل على العموم، ومثله: رب مبلغ أوعى من سامع، ورب أخ لك لم تلده أمك، بخلاف الواو فإنها تدل على أمر معين حصل، فقوله:
ودار نداي عطلوها وأدلجوا، الكلام فيه على دار معينة.
¬__________
(¬1) الأصول 1/ 512 - 513

الصفحة 43