كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 3)

وذهب قوم إلى أنها ليست زائدة في قوله تعالى: {ليس كمثله شيء} بل هي نفي الشيء بنفي ملازمه، كقولهم (على لا حب لا يهتدى بمناره) أي ليس له منار فيهتدى به وليس معناه أن له منارا لا يهتدى به، وقولهم: (ولا ترى الضب بها ينجحر) أي ليس بها ضب فينجحر، وعلى هذا يكون معنى الآية: ليس له مثل فيشبه به، جاء في (شرح الرضي على الكافية): ويجوز في قوله تعالى: {ليس كمثله شيء} أن لا يحكم بزيادة الكاف، بل تكون على طريقة قوله: (ولا ترى الضب بها ينجحر) وقولك: (ليس لأخي زيد أخ) أعني نفي الشيء بنفي لازمه، لأن نفي اللازم يستلزم نفي الملزوم، فأخو زيد ملزوم والأخ لازمه لأنه لابد لأخي زيد من أخ هو زيد، فنفيت هذا اللازم، والمراد نفي الملزوم أي ليس لزيد أخ، إذ لو كان أخ لكان لذلك الأخ أخ، هو زيد، فكذا ههنا نفيت أن يكون لمثل الله مثل، والمراد نفي مثله تعالى، إذ لو كان له مثل، لكان هو تعالى مثله (¬1).
وذهب قوم في تخريج الآية الى تلمس فرق بين كاف التشبيه ومثل.
جاء في (الفروق اللغوية): الفرق بين كاف التشبيه وبين المثل، أن الشيء يشبه بالشيء من وجه واحد لا يكون مثله في الحقيقة، إلا إذا أشبهه من جميع الوجوه لذاته، فكان قوله تعالى لما قال {ليس كمثله شيء} أفاد أنه لا شبه له ولا مثل، ولو كان قوله تعالى: {ليس كمثله شيء}، نفيا أن يكون لمثله مثيل لكان قولنا (ليس كمثل زيد رجل) مناقضة، لأن زيدًا مثل من هو مثله، والتشبيه بالكاف يفيد تشبيه الصفات بعضها ببعض وبالمثل يفيد تشبيه الذوات بعضها ببعض، تقول (ليس كزيد رجل) أي في بعض صفاته لأنه كل أحد مثله في الذات، وفلان كالأسد في الشجاعة دون الهيئة، وغيرها من صفاته. وتقول السواد عرض كالبياض ولا تقول مثل البياض (¬2).
¬__________
(¬1) شرح الرضي 2/ 380 - 381
(¬2) الفروق اللغوية 128

الصفحة 61