كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 3)

تفعل فقال: إنما يريد أن يقول إرادتي لهذا كما قال عز وجل {وأمرت لأن أكون أول المسلمين} [الزمر: 12]، إنما هو أمرت لهذا (¬1).
والراجح فيما أرى أن اللام في نحو هذا داخلة على المفعول وهي زائدة زيادة قياسية في مفعول هذين الفعلين، والغرض منها توكيد الاختصاص، ودخول اللام على المفعول له نظائر في الساميات كما سنذكر في خاتمة هذا الحرف.
تقول: (أريد لأنسى ذكرها) بمعنى أريد أن أنسى ذكرها، وتقول: (اريد لأذهب إليه) على معنى أريد أن أذهب إليه. قال تعالى في سورة التوبة: {فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} [التوبة: 55].
وقال في سورة التوبة أيضا: {ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله ان يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون} [التوبة: 85].
فجاء في الآية الأولى باللام (ليعذبهم بها) ولم يأت في الآية الثانية: {إنما يريد الله أن يعذبهم بها} وزيادة اللام في الأولى يقتضيه السياق، وذلك أنها في سياق إنفاق الأموال والخطاب للمنافقين. قال تعالى: {قل أنفقوا طوعا أو كرهًا لن يتقبل منكم إنكم كنتم قومٍا فاسقين} [التوبة: 53]، {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا ياتون الصلاة إلا وهم كسالي ولا يفقون إلا وهم كارهون} [التوبة: 54]، فلا تعجبك أموالهم ولا اولادهم .. ، وبعدها: {ومنهم من يلمزك في الصدقات} وبعدها: {إنما الصدقات للفقراء .. }.
فالسياق في انفاق الأموال والكلام على المنافقين وأموالهم، ثم وجه الخطاب للرسول قائلا: {ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها} فزاد (لا) النافية توكيدا (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) وزاد اللام في (ليعذبهم) لزيادة الاختصاص وتوكيده.
¬__________
(¬1) كتاب سيبويه 1/ 479

الصفحة 71