كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور (اسم الجزء: 3)

قوله تعالى (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)
انظر حديث عائشة الآتي عند سورة القمر آية (53) وفيه: "يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب".
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكتاب يوضع يوم القيامة. والمراد بالكتاب: جنس الكتاب؛ فيشمل جميع الكتب التي كتبت فيها أعمال المكلفين في دار الدنيا. وأن المجرمين يشفقون مما فيه؛ أي يخافون منه، وأنهم يقولون (يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر) . أي لا يترك (صغيرة ولا كبيرة) من المعاصي التي عملنا (إلا أحصاها) أي ضبطها وحصرها. وهذا المعنى الذي دلت عليه الآية الكريمة جاء موضحا في مواضع أخر؛ كقوله: (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) . وبين أن بعضهم يؤتي كتابه بيمينه، وبعضهم يؤتاه بشماله، وبعضهم يؤتاه وراء ظهره. قال: (فأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتي لم أوتى كتابيه) الآية، وقال تعالى: (فأما من أوتى كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا وأما من أوتي كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها) اشتكى القوم كما تسمعون الإحصاء، ولم يشتك أحد ظلما، فإياكم والمحقرات من الذنوب، فإنها تجتمع على صاحبها حتى تهلكه.
قوله تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) . قدمنا في سورة البقرة أن قوله

الصفحة 310