كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 3)

والتقاعد، والإنتاج والعقم، ولسنا بصدد الكلام عن هذه الأطوار التي طواها التاريخ بما لها أو عليها، ولكن مما يهمنا في هذا الحديث، أن نعرف أن هذه الأطوار ختمت بعهد تجمعت فيه علل ماض طويل، وأخذت تعمل عملها في صرف الأزهر عن التفكير والإنتاج، وعن كل نافع من العلوم العقلية والكونية، وانتهت مظاهر العلم والتفكير فيه إلى أن تغلبت المبادىء الآتية:
1 - تغلبت العناية بالمناقشات اللفظية، وتتبع كلمات المؤلفين في المصنفات والشروح والحواشي والتقارير على الروح العلمية الموضوعية التي من شأنها أن تخدم الفكرة، بقطع النظر عما يتصل بها من لفظ وعبارات.
2 - تغلبت روح التقديس للآراء والأفهام التي دونها السابقون، والسمو بها على مستوى النقد، وعدم الاكتراث بما قد يظهر من آراء جديدة، ولو كان لها من السداد والقوة ما لها.
3 - تغلبت نزعة الإشتغال بالفروض والاحتمالات العقلية التي لا تقع وما يتصل بها من أحكام، فتراهم يقولون: لو طلقها نصف تطليقة أو ربع تطليقة، ولو قال لها أنت طالق إن شئت، فقالت له: شئت إن شئت، وتراهم يقولون: لو تزوج جنية، فالحكم في النسب والميراث كذا. . .
ولقد أكثروا من هذا في العبادات والمعاملات، وأنفقوا فيه من الوقت والتفكير ما كان جديرا بهم أن يدخروه للنافع المفيد، ووصل الأمر في ذلك إلى أن الكمال بن الهمام وهو من أفذاذ علماء القرن التاسع يقول: ومن مسائل قبل وبعد ما قيل منظوما.
رجل علق الطلاق بشهر قبل ما بعد قبله رمضان
ثم يندفع في تخريج هذا الفرض وبيان حكمه، ثم يأتي بعده ابن نجيم الحنفي-صاحب البحر والأشباه-فيتولى الشرح والبيان والتكمي

الصفحة 15