كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 3)

وأدركوا علله وأمراضه، وهو إلى جانب ذلك تلميذ بروحه وعلمه وعقله وتفكيره للأستاذ الإمام عبده، فوضع مذكرته التي تصف علل الأزهر وأداواءه وتصف الدواء الناجح لهذه العلل.
«و لكن العلماء في القرون الأخيرة استكانوا إلى الراحة، وظنوا أن لا مطمع لهم في الاجتهاد، فأقفلوا أبوابه، ورضوا بالتقليد، وعكفوا على كتب لا يوجد فيها روح العلم، وابتعدوا عن الناس فجهلوا الحياة وجهلهم الناس، وجهلوا طرق التفكير الحديثة، وطرق البحث الحديث، وجهلوا ما جد في الحياة من علم وما جد فيها من مذاهب وآراء، فأعرض الناس عنهم، ونقموا هم على الناس، فلم يؤدوا الواجب الديني الذي خصصوا أنفسهم له، وأصبح الإسلام بلا حملة، وبلا دعاة بالمعنى الذي يتطلبه الدين». ويقول في شأن النظم المتقدمة: «و إني أقرر مع الأسف أن كل الجهود التي بذلت لإصلاح المعاهد منذ عشرين سنة لم تعد بفائدة تذكر في إصلاح التعليم، وأقرر أن نتائج الأزهر والمعاهد تؤلم كل غيور على أمته وعلى دينه، وقد صار من الحتم لحماية الدين، لا لحماية الأزهر، أن يغير التعليم في المعاهد، وأن تكون الخطوة إلى هذا جريئة، يقصد بها وجه اللّه تعالى، فلا يبالي بما تحدثه من ضجة وصراخ، فقد قرنت كل الإصلاحات العظيمة في العالم بمثل هذه الضجة».
ويقول في وصف الكتب: «هي كتب معقدة لها طريقة خاصة في التأليف، لا يفهمها كل من يعرف اللغة العربية، وإنما يفهمها من مارسها ومرن على فهمها، وعرف إصلاح مؤلفتها». ويقول فيما يختص بدراسة الفقه:
«يجب أن يدرس الفقه الإسلامي دراسة حرة خالية من التعصب لمذهب، وأن تدرس قواعده مرتبطة بأصولها من الأدلة، وأن تكون الغاية من هذه الدراسة عدم المساس بالأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة، والأحكام المجمع عليها، والنظر في الأحكام الاجتهادية لجعلها

الصفحة 21