الفكر وضاقت ذراعا بمواهب الشباب من الأدباء فقبرتها، وسخرت الأقلام للتسبيح بحمدها بين الناس.
أصبح الأدب يدعو إلى الحرية والكرامة والحياة الطيبة للأفراد والجماعات والشعوب، الحرية الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والكرامة التي تدع الإنسان مؤمنا بأنه لم يخلق عبدا لإنسان، وإنما خلق إنسانا يشعر بكرامته الإنسانية وقيمته في المجتمع، والحياة الطيبة التي تتكافأ فيها الفرص، وتتساوى فيها المواهب، ويجد فيها كل إنسان له عملا لائقا، وعيشا شريفا، ومستوى ماديا مناسبا وعناية واحدة من الحاكمين، والتي تنعدم فيها الفروق بين الناس، وتقل فيها المشكلات أمام الفرد، فلا يضطر إلى الانتحار لأنه لا يجد الخبز لنفسه وأولاده، ولا يعيش متسولا عالة على الناس ولا يقعد به المرض أو الجهل عن أن يعيش وأن تحفظ عليه كرامته في وطنه. . يجب أن يكون الأدب اليوم صدى الحياة المدوي، وصوتها المجلجل في كل سمع، ولسانها المعبر عن آمال الإنسانية وآلامها وأفراحها وأحزانها وسعادتها وشقائها، وأن يعبر في وضوح عن حياتنا التي نحياها: حياة الفلاح في حقله، وحياة العامل في مصنعه، وحياة الموظف في وظيفته، وحياة الفتاة التي نادينا بحريتها، وحطمنا الأغلال دونها، ثم لم نعمل شيئا في سبيلها، لتستطيع الاحتفاظ بحريتها الطبيعية التي تحميها لها الحياة، فلم نساعدها على العمل الشريف ولا على الزواج المناسب، وعلى حياة الأسرة الهادئة، وتركناها وحدها في الميدان، تقضي حياتها محرومة من الزوج السعيد الصالح، والأولاد الذين تتشوق في لهفة إليهم.
والوضوح والبساطة والجمال والصدق هي الخصائص الأدبية الأولى، والعناصر الفنية الأساسية لكل أدب جميل بليغ. ولكن خلود هذا الأدب وذيوعه يتوقف فوق ذلك على مضمونه وعلى أن يكون الأدب إنساني النزعة، رفيع الهدف والغاية، يعمل مساعدا لنواميس الحياة على التقدم والنهضة والازدهار».