فأولاها: أيام الثورة الوطنية عام 1919 في مصر، وقد شاهدتها في قريتي الخضراء طفلا صغيرا. وشاهدت المظاهرات الوطنية التي كان يقوم بها أهالي القرية وأنا بينهم في شوارع قريتي الصغيرة وحاراتها. يهتفون للوطن بالحرية والاستقلال، وللانجليز بالدمار والهلاك، ويطالبون بحرية الوطن العزيز: مصر وطن الأحرار والمجد والتاريخ، وكم كان يسعدني وأنا طفل صغير أن أخرج مع جموع الفلاحين نحمل الهراوات والعصى ونستقبل بها السيارات الوافدة على طريق القرية، فإذا كان فيها أجانب استوقفناهم وطالبنا منهم أن ينزلوا معنا نحن الثائرين، ويهتفوا معنا بحرية مصر واستقلالها وسقوط انجلترا والاستعمار.
وثانيتها: أيام ثورة مصر الكبرى في معركة القنال، حيث قامت المعركة في أرض القتال بين قوات البوليس المصري وجيوش الاحتلال، وضرب المصريون فيها أروع الأمثال وأمجد صفحات البطولة التي دونها التاريخ، وعرفها الزمن وقد انتقم الانجليز لهذه الثورة الوطنية الجليلة الخالدة بأيدي الخوتة المصريين في ذلك الحين، وعلى رأسهم صاحب العرش فاروق بن فؤاد، فأحرقوا القاهرة وكتبوا الحريات، وأعلنوا الأحكام العرفية، وأقالوا الوزارة الدستورية القائمة آنذاك وصبوا على البلاد سوط عذاب، ومع ذلك فقد صمدت مصر في وجه الأحداث صمود الجبال والأبطال.
وثالثها: أيام الثورة المصرية القومية الكبرى، ثورة التحرر والتحرير في 23 يوليو 1952، حيث استيقظت في صباح هذا اليوم الجميل، فشاهدت جيش الوطن قد احتل مرافق القاهرة: وأقام حكما جديدا في البلاد، قضى على الخونة والفساد والإقطاع وسماسرة الحكم، وأخذ يصنع البلاد، ويكون فيها جيشا قويا، يحمي حرية الوطن واستقلاله.
ورابعتها: أيام معارك الوطن الكبرى في أواخر أكتوبر 1956، وأوائل