كتابه: «محاضرات الثلاثاء» وأنا أعلم أنه رجل موهوب، ازدان علمه بتقواه، وأسلوبه بالأدب الرفيع، وقلمه بالسلاسة والرواء، فعكفت على قراءته كعادتي فوجدت فيه طلبتي» الخ. . .
وإذن فقد أصبح الاتجاه الإسلامي للداعية الأديب محور الحديث في الخطابة، ومجال القلم في التأليف. . . وقد سافر بحافز من هذا الاتجاه إلى ممالك الإسلامية كثيرة، وصادف محنا وعقابا جمة، ولكنه لم يترك تجاربه تهرب من الذاكرة هروبا لا رجعة منه، بل أفرد لها كتبا خاصة من إنتاجه مثل: «أيام الكويت» و «عائد من الباكستان» و «مذكرات واعظ أسير». . .
وقد سلك في كتابته مسلكا يلتزمه الكثيرون، فهو يدون الحوادث اليومية مجزأة متصلة، تتماوج في سلسلة متعاقبة، يوما وراء يوم، وأذكر أني كتبت إليه في رسالة خاصة نقدا لهذه الطريقة، إذ أرى أن الأوفق أن تمتزج هذه اليوميات، لتتداخل في أبوبا عامة، تتخذ لها عناوين دالة موحية. . .
وكنت أعتقد أن هذا المنهج لا يختلف فيه اثنان، ولكني وجدت من كبار الأدباء من يعدل إلى طريقة الأستاذ الشرباصي منددا بما أشرت إليه، فقد كتب الدكتور محمد عوض محمد بالرسالة (العدد السابع من السنة الأولى) ينقد كتاب: «جولة في ربوع أفريقية» للرحالة محمد ثابت، فيفضل أن يكتب المؤلف مذكرات يومية أثناء السياحة، يصف فيها حركاته وسكناته، وما مر به من الحوادث وكل شيء رآه، وبديهي أن ذلك لا يتضح بجلاء في الأبواب الكلية كما أريد، ولكل وجهة هو موليها. . .
وقد لاحظت أن أفكار الكاتب في نشأته الأولى لم تتبدل في شبابه المكتمل، بل أكسبها الزمن عراقة وأصالة دون أن يميل بها إلى استئصال وإبادة. ولتوضيح ذلك: قرأت للشرباصي على سبيل المثال - ثلاثة فصول