كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 3)

يمدها بالتوجيه والخبرة، وبالخطط العلمية المدروسة، وبالمناهج والأساتذة، وعلى نمطه قامت مختلف الجامعات الاسلامية الحديثة في أنحاء العالم الاسلامي، وصار هو الصورة المشرقة لكل الجامعات وهو الذي يلخص تاريخ الحضارة الإسلامية كلها طوال ألف عام. .
إنه روح هذه الحضارة، والمعبر عنها والمترجم لثقافاتها. وهو موئل العربية وملاذها الأمين. منذ قيامه إلى اليوم وقد سمي الأزهر لأنه كان محاطا بقصور زاهرة في رأي، أو لأنه كان أكبر الجوامع على الاطلاق رواء وجلالا وفخامة في رأي، أو لأنه ينتسب إلى الفاطمية وإلى فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في رأي آخر، أو للتفاؤل بما سيكون له من المكانة والجلال والازدهار العلمي في تاريخ الثقافة الاسلامية.
وقد شرع المعز الفاطمي منذ تولى الحكم في دولة الفاطميين في المغرب في بناء دولة واسعة، وامبراطورية ضخمة لآل البيت في وسط العالم الإسلامي، ومن ثم امتد بصره إلى مصر، وشرع في التمهيد لفتحها، ونشط الدعاة الفاطميون في الدعوة لآل البيت في أنحاء مصر كلها، ثم عين قائده جوهرا قائدا لجيش الفتح، فخرج من القيروان بجيش ضخم في 14 من ربيع الأول عام 357 ه‍ فبراير 969 م، فاستولى على الأسكندرية، ثم واصل زحفه إلى الجيزة، فدخلها في 11، من شعبان عام 358 ه‍-يوليو 969 م، وفي اليوم التالي دخل جوهر الفسطاط عاصمة مصر الإسلامية الأولى آنذاك.
ومكث جوهر في شمالي الفسطاط ثمانية أيام استراحت فيها جنوده بعد عبورهم النيل من الجيزة إلى الفسطاط وأخذ جوهر في وضع أساس عاصمة جديدة لمصر الفاطمية، فوضع أساسها في يوم الثلاثاء 17 من شعبان 358 ه‍ 7 يوليو 969 م كما ورد في خطط المقريزي (ج‍ 2 ص 204)، ووضع أساس القصر الفاطمي الكبير-الشرقي في اليوم التالي ليكون مقر

الصفحة 492