من أنبه طلابها يكلفه الأستاذ بإعادة درسه على زملائه وبقراءة الموضوع العلمي للدرس في مختلف مصادره، وسمي هذا الطالب معيدا، وعن الأزهر أخذت الجامعات نظام المعيدين أيضا. وكانت طريقة التعليم إذ ذاك هي أن يبدأ الشيخ درسه بالبسملة والحمد للّه والصلاة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم يلخص موضوع درسه، ثم يقرأ النصوص التي كتبت حوله في مختلف المصادر، ويقوم الطلاب بسؤال أستاذهم في كل ما غمض عليهم، ويستمر الحوار والمناقشة والأسئلة والإجابة عنها طول الدرس بين الأستاذ وطلبته!
ولا ننسى أنه بعد انتهاء الدولة الفاطمية، وتولى صلاح الدين الأيوبي حكم مصر عام 567 ه. أفتاه قاضيه صدر الدين بن عبد الملك بن درباس الشافعي بامتناع اقامة خطبتين في بلد واحد كما هو مذهب الإمام الشافعي، فأبطل صلاح الدين الخطبة والتدريس في الجامع الأزهر، وأقر الخطبة في الجامع الحاكمي بحجة أنه أوسع، ثم أعيدت إلى الأزهر الدراسة، وكان أول ما درس به من مذاهب أهل السنة مذهب الإمام الشافعي رضي اللّه عنه، ثم درست المذاهب الأخرى على التتابع، فلما تولى الملك الظاهر بيبرس حكم مصر عام 658 ه لم يلبث أن أعاد الخطبة الى الجامع الأزهر عام 665 ه- 1266 - 1267 م.
وزاد بيبرس في بناء الجامع وشجع العلم والتعليم فيه، وأقام الأمير عز الدين أيدمر الحلى احتفالا رسميا عظيما في الجامع الأزهر، ابتهاجا بعودة الخطبة إليه، كما أقام احتفالا عظيما آخر في داره حضرهما رجال الدولة وقادتها، وكان هذا الأمير يجاور الأزهر بسكناه، وتبرع له الكثير من ماله الخاص، وجمع له الكثير من التبرعات من الدولة ومن الأمراء، وأخذ في ترميم مبانيه، وفي عمارته.
ولقى الأزهر من عناية الشعب الشيء الكثير فعاد الى حلقاته العلمية