شغل بالليل والنهار سوى المطالعة:
ولدي الآن صورة خطية للأجازة العلمية التي كتبها له الشيخ الباجوري. .
بدأها بالحمد والصلاة على الرسول في إفاضة، ثم أفاض في فضل العلم. . . إلى أن قال:
«و إن ممن قدم علينا بمدينة القاهرة، التي هي بالمحاسن ظاهرة، وبأكابر العلماء زاهرة، وبمدارس العلوم عامرة، وروضتها بأنفاس أكابر العلماء عاطرة، وأشعة شموس علومهم بها باهرة، لا سيما الجامع الأزهر والمسجد الأنور، الذي فيه العلوم تقرر، وبساط العرفان ينشر، فهو بذلك عن كل المساجد متفرد، وبتلك الخصيصة مشهور لمن إليه يرد. تجني من رياض دروسه ثمار العلوم، وتنبت-كما ينبت البقل-بأرضه الفهوم، فمحله في الفضل غير منكور. ومهارة علمائه في الفنون أمره مشهور:
العالم الفاضل الماهر الكامل، الألمعي اللوذعي، صاحب الأفهام الدقيقة، والمعاني الدقيقة. نافع الخفاجي التلباني، وقد أخذ المذكور عن علمائه ومشاهير فضلائه؛ وتفيأ في ظلال معارفهم، واقتطف أزهار لطائفهم، وتعطر بعبير أنفاسهم، واستضاء بمشكاة نبراسهم، حتى حصل من علمهم الجم، وغاص على تلك اللآلىء في ذلك اليم، وجد واجتهد، وحرر وقيد، فربحت تجارته وحسنت شارته وعظمت فائدته، وجلت عائدته، وامتلأ وطابه، وشرف بالانتماء إلى العلم انتسابه، ولما حن حنين الفحل إلى وطنه، وأراد الرجوع إلى وطنه؛ زودته بالدعوات الصالحات، وكسوته حلل الكرامة بتسطير الإجازات، رجاء الانتظام مع هؤلاء العداء، فقلت: أجزت المذكور بكل ما تجوز لي به الرواية، وما تلقيت عن أشياخي-ضاعف اللّه أجورهم-رواية ودراية، وبما لي من تأليف وتصنيف».