كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 3)

الدهر علمني الشكوى فقمت بها طوعا وكرها وخير العلم أفشاه
أشكو الزمان وفي الشكوى رفاهية وما علاج شقي غير شكواه
تنفس الصعد تفريج ذي حرج والضيق يفتح من ذي ضيقة فاه
القدر منفجر لو لا تبخره والقلب منفطر لو لا شكاواه
فالقلب من حطب والبؤس من لهب وفي الشكاة لنار الهم أمواه
الهم يثقل والشكوى تخففه فقد ترى سامعا يؤتيك جدواه
إن لم أجد صاحبا فالليل يؤنسني نجومه ودياجيه وإصغاه
ورب سامع شكوى شامت فرح وذي ملال يريني غير نجواه
ولا أرى مخلصا في الضيق يسعدني ولا غنى لي عمن لست أهواه
طبائع الناس شر لا يفارقهم والخير كسب لبان الفكر غذاه
لو نالني الشر منهم كنت عاذرهم وإن أتى الخير قلت للطرف هياه
إن يجهلوا خاصموا أو يعلموا نقدوا ويبطنون بلؤم ضد ما فاهوا
فالكل للكل أعداء وعنصرهم به أنانية في بدء مبناه
مهما أحبوا فحب الذات رائدهم وعبرة الحب برهان بمغزاه
وهكذا الناس عباد لأنفسهم كل يرى الغير عبدا وهو مولاه
لو لا حوائجهم ما ألهوا أحدا أدنى الأنام من الإلحاد أغناه
هم والوحوش سواء لا يميزهم إلا عقول وتقديم وأفواه
مع التمدين والقانون أنفسهم شتى وكل له في العيش أهواه
كل له غرض تحفيه طينته ولو درى خلد ما فيه جافاه
الخير يخدع في معسول منطقه والشر يكمن في داجي حناياه
لو شف صدر جميل عن دخائله لشوهت نفسه ما في محياه
لو أخطأ الشر إنسانا ولم يره فسله وحيا فما جبريل إلا هو
وما أبرىء نفسي إنني بشر النفس تأمره والروح تنهاه
صدري لضدين من جيشين معترض ما يرض هذا فهذا ليس يرضاه
لكن نفسي صفت من طول ما رزقت حتى رأت كل ما يسطاع مرآه

الصفحة 538