كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 3)

الإسلامية على مختلف أقطارها وأجناسها، وعلى كل مسلم أن يساهم فيه إذا استطاع إلى ذلك سبيلا، وأن نرجو اللّه سبحانه أن يوفق العلماء وطلاب العلم إلى الإخلاص في ذلك إخلاصا للّه ولرسوله وللمؤمنين وللدين الحق الذي وعد اللّه أن يظهره على الدين كله، وجعله هداية عامة لجميع البشر. . ونصيحة أقدمها إلى العلماء وطلاب العلم في الأزهر راجيا تدبرها، وهي احترام حرية الرأي، والتحرج من الاتهام بالزندقة والكفر، ولا نطالب بشيء يعد بدعة، ولا نحدث في الدين حدثا بهذه النصيحة، فهي موافقة للقواعد التي وضعها سلف الأمة رضى اللّه عنهم. وترونها مبسوطة واضحة في كتب الأصول وفي جميع كتب الإمام الغزالي، وحاصلها-على ما أذكر-أن المسائل الفقهية يكفر منكر الضروري منها كالصلاة والزكاة وحرمة الزنا وشرب الخمر وقتل النفس والربا، أما إنكار أن الإجماع حجة، وخبر الواحد حجة، والقياس حجة، فلا يوجب الكفر، وما عدا ذلك من المسائل الفقهية لا إثم في إنكاره مطلقا، على شرط أن يكون الإنكار غير مصادم لنص أو إجماع.
على هذا أجمع الصحابة رضي اللّه عنهم، وأجمع عليه الأئمة، ولم يعرف أن بعضهم أثم بعضا، وعلى الجملة فما دام المسلم في دائرة القرآن لا يكذب شيئا منه، ولا يكذب ما صح عن رسوله صلى اللّه عليه وسلم بطريق قاطعة، فهو مسلم لا يحل لأحد أن يتهمه بالكفر. . عرضنا لهذه النصيحة لأنها تسهل على أهل الأزهر معاشرة الناس، والعمل بها يمّكن من نشر الدعوة ومن الجدل بطرقه المقبولة، والعمل على خلافها منفر يحدث الشقاق ويورث العداوة.
وإذا كانت مهمة الأزهر حمل رسالة الإسلام للعالم، فمن أول واجب على أهله أن يعدوا أنفسهم لتعلم اللغات، لغات الأمم الإسلامية وغير الأمم الإسلامية، واللّه لم يرسل رسولا إلا بلسان قومه ليبين لهم، فليحقق الأزهر القدوة، وليرسل إلى الناس رسلا يفقهونهم في دينهم بلسانهم. . وقد عنى

الصفحة 9