كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 3)

واعلَم: أَنَّ الخماسي مِنَ الأسماءِ التي هيَ أُصولٌ لا يجوزُ تكسيرهُ فمتى استكرهوا حذَفوا منها وردوهُ إِلى الأربعةِ تقولُ في سَفَرجلٍ: سَفَارجُ فتحذفُ اللامَ وقالوا في فَرَزدقٍ: فَرَازِقُ حذفوا الدالَ لأَنَّها مِنْ مخرجِ التاءِ والتاءُ مِنْ حروفِ الزوائدِ والقياسُ أَنْ يقولوا: فرازدٌ وما جاءَ مِنَ الأسماءِ ملحقًا فاحذفْ بالخمسةِ مِنهَا الزوائدَ وردَّهُ إِلى الأربعةِ فإِنْ كَان فيه زائد ثانٍ أو أَكثرُ فأَنتَ بالخيارِ في حذفِ الزوائدِ حتى تردَّهُ إِلى مِثَالِ: "مَفَاعِل" ومَفَاعيل فإِنْ كانَ إِحدى الزوائدِ دخلتْ لمعنىً أثبتَّ ما دخلَ لمعنىً وحذفتَ ما سواهُ وذلكَ نحو: مُقْعَنسس1 وهوَ ملحقٌ بمحرنجمٍ2، فالميمُ زائدةٌ والنونُ زائدةٌ والسينُ الأخيرةُ زائدةٌ فتقول: مَقَاعسُ وإنْ شئتَ: مَقَاعيسُ فتحذف النونَ والسينَ ولا تَحذفُ الميمَ لأنَّها أُدخلت لمعنَى اسمِ الفاعلِ وأنتَ بالتعويضِ بالخيارِ والتعويضُ أَنْ تلحقَ ياءً ساكنةَ بينَ الحرفينِ اللذينِ بعدَ الألفِ فإنْ كانتِ الزيادةُ رابعةَ فالتعويضُ لازمٌ كما ذَكرنا في قنديلٍ وقَنَاديل لا يجوز إلا التعويضُ. ورُبّما اضطر فزادَ الياءَ من غير تعويضٍ مِنْ شيءٍ كما قالوا:
"نَفْيَ الدَّراهِمِ تَنْقَادُ الصَّيَاريفُ ... "3.
__________
1 مقعنسس: يقال اقعنسس الرجل إذا اجتمع. وهو أن يقدم بطنه ويؤخر صدره.
2 يقال: احرنجم القوم، إذا اجتمعوا.
3 من شواهد سيبويه 1/ 10 على زيادة الياء في "الصيارف" ضرورة تشبيها لها بما جمع في الكلام على غير واحد، نحو: ذكر، ومذاكير، وسمح، ومساميح. وهو عجز بيت صدره:
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة نفي الدراهم ...
والبيت للفرزدق، قال المبرد في الكامل: الياء في "صيارف" حرف إشباع من الكسرة. تنفي: كل ما ردده فقد نفيته. والهاجرة: وقت اشتداد الحر. وتنقاد: من نقد الدراهم، هو التمييز بين جيدها ورديئها. وصف ناقة بسرعة السير في الهواجر فيقول: إن يديها لشدة وقعها في الحصى تنفيانه فيقرع بعضه بعضا، ويسمع له صوت كصوت الدراهم إذا انتقدها الصيرفي.
وانظر: المقتضب 2/ 258، والكامل 143، والجمهرة 2/ 356، والخصائص 2/ 315، وشرح الحماسة 3/ 1477، وابن الشجري 1/ 142، والإنصاف/ 27، وابن يعيش 6/ 106، والديوان/ 570.

الصفحة 12